بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 آب 2023 12:00ص أسطورة صمود الصالات وماكينة الإنتاج والتوزيع..

حجم الخط
لا فهمناها ولسنا متفائلين بإمكانية التوصل إلى فهمها. إنها حالة ما تواجهه الصالات اللبنانية على كثرتها وقيمتها المادية والمعنوية في آن، وواقع الإنتاج السينمائي المحلي على تواضع عدد الأفلام ومستواها، وصولاً إلى سوق التوزيع المتاح لهذه الأشرطة في الداخل والخارج.
قالها لنا المنتج رائد سنان خلال حفل عرض شريط: «الفيل» لـ سامي كوجان: «ربما كان هذا الفيلم هو آخر ما ننتجه والله أعلم متى نعود»، وعلّل قراره بأن الفيلم اللبناني ما عاد - يجيب همّو ، بينما بدل بطاقة الدخول إلى الصالات بلغ 400 ألف ليرة، وبالتالي فهذا عبء على الرواد وفي الوقت نفسه لا يعادل قيمة مصاريف الصالات ولو بنسبة 50 في المئة، بما يعني أن الخسارة واقعة على المنتج، والرواد، وأصحاب الصالات الذين يعلنونها بوضوح: نحن نعمل كرمى تأمين البدلات الشهرية لعدد من الموظفين حتى لا نُسرّحهم ونتسبب بأزمة إجتماعية إضافية.
الكل صامدون. يتكيّفون مع الواقع المهترئ، ويواجهون تداعيات السقوط بأقل الخسائر الممكنة لأنه لا توجد خطط للإستسلام مطروحة على الطاولة، هذه مسألة محسومة بالمطلق، إذن مداراة ومجاراة والصبر على الوضع القائم بإنتظار أي مستجد إيجابي يفتح باب الأمل على واقع أشفى حالاً من السائد وأقلّ قسوة على الطبقات المتضررة بقوة من الوضع الإقتصادي المرير الذي لا يُحتمل.
لكن لماذا يكون صمود باللحم الحيّ ولا أحد يعرف إلى متى تطول هذه الأوضاع؟! الجواب بسيط جداً: إنه طبع اللبنانيين منذ العام 1975 في تعاطيهم مع الحروب المتكررة التي تتعاقب على أرضنا ولا تعرف نهاية، تماماً كما يتوازنون مع إنعدام قيمة الليرة اللبنانية وتلاشي إمكانات إستعادة ما كانت عليه قبل المصائب المتكررة على البلد.
من يُنتج لا يربح، ومن يعرض لا يجد رواداً يعوّضونه ما يتكلّفه لإستمرار الصالات قيد العمل، وهكذا دواليك الكل يراوح مكانه، الكل يخسر، لكنهم جميعاً يدركون أن لا خيار آخر سوى الإنتحار وهذا غير جائز في العرف اللبناني وفي شرع الدين، لذا إما العمل وإما العمل، هكذا هو قدر اللبنانيين في تعاطيهم ومواجهتهم لتدهور الأوضاع من حولهم.
إنها أسطورة الصمود عمّدها اللبنانيون بكل نبض حيّ في عروقهم وهي في النهاية آخر خرطوشة في الجعبة.