بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آب 2018 06:02ص برغم مرور 68 عاماً على الإعتزال قبل الرحيل ليلى مراد باقية في الذاكرة الفنية

حجم الخط
نعتقد ان غالبية القراء قد تعرفوا إلى المطربة الكبيرة ليلى مراد، من خلال اغنياتها التي كانت تذاع بشكل مستمر من الإذاعات العربية، وتحديداً اذاعات مصر ولبنان وسوريا، وايضاً من خلال عشرات الافلام التي لعبت بطولتها وحققت معها النجاحات الكبيرة، مع الإشارة هنا، ان نجاح ليلى مراد في عالمي الغناء والسينما، فرض على بعض منتجي افلامها إعطاء هذه الافلام عناوين ذات صلة بإسمها، ومن هذه الافلام: «ليلى بنت الريف»، «ليلى بنت المدارس»، «ليلى»، «ليلى في الظلام»، و«ليلى بنت الفقراء»، وقد تكون هذه المطربة الوحيدة التي تفردت بهذه الميزة، مثلها مثل زميلها الممثل الكوميدي «اسماعيل ياسين» الذي بدوره وبسبب نجاحه الفني،سارع المنتجون السينمائيون إلى منح اسمه عنواناً لأفلامهم.
وبالعودة إلى النجمة ليلى مراد، فإن بدايتها السينمائية كانت بالصوت الغنائي فقط، في فيلم «الضحايا» (1933) وفيه لم تشارك كممثلة وإنما فقط سجلت اغنياته بصوتها، فيما بدايتها السينمائية الكاملة كانت في العام 1938، مع موسيقار الأجيال محمّد عبد الوهاب الذي اختارها لتشاركه بطولة فيلمه «يحيا الحب» (الفيلم الوحيد الذي جمعهما). ولتكر سبحة الافلام، ولتقدم ليلى مراد في خلال (17) عاماً (26) فيلماً كان آخرها بعنوان «الحبيب المجهول» (1955) مع النجم السينمائي الكبير يومذاك، المنتج حسين صدقي..
وانجح أفلام هذه المطربة، حمل اسم «غزل البنات» (1949) وشاركها بطولته الممثل الكبير نجيب الريحاني وكان من إنتاج زوجها الأوّل الممثل والمنتج والمخرج والمؤلف أنور وجدي، وهذا الزواج امتد من العام (1945) إلى العام 1952، وجاء على اثر انتهاء الإثنين من تمثيل آخر مشهد لهما في فيلم «ليلى بنت الاغنياء» والذي جمعها في مشهد يمثل زواجهما في عرس شعبي.
ولكن هنا المفاجأة... وبمثل ما بدأت قصة حب الإثنين حارة وعاطفية، وتناولتها اخبار الصحف بكثير من التحية، انتهت وللأسف بطلاق مدوٍ، خرج على أثره الزوج أنور وجدي ليشهِّر بزوجته السابقة ليلى مراد وليتهمها في مؤتمر صحفي عقده، انها «عميلة للصهيونية وانها ذهبت إلى إسرائيل وتبرعت بمبلغ 50 ألف جنيه، وانها مزقت الصفحة التي تثبت زيارتها، من جواز سفرها»!!.
وعلى اثر هذا الكلام الخطير، كان من الطبيعي ان يجتمع «مكتب مقاطعة اسرائيل» وأول قرار اتخذه لحين التأكد من التهمة، قضى بمنع اغاني وافلام ليلى مراد، لتبدأ عندها النجمة معركة من أهم معاركها في الحياة والفن.
ليلى مراد، ولنفي تهمة زوجها السابق أنور وجدي عنها سارعت إلى الزواج من الضابط في الجيش المصري، عضو مجلس قيادة الثورة الطيار وجيه اباظة في عام انفصالها من أنور وجدي، وانجبت منه ابنها «اشرف»، كما انضمت إلى العديد من اللجان التي تكونت على اثر قيام الثورة، والتي كانت تطوق القرى والبلدات والنجوع لجمع التبرعات دعماً للثورة كما شاركت في «حفلات التحرير»، وهي حفلات غنائية امتدت لـ 40 يوماً، وكانت بتنظيم وإشراف زوجها وجيه اباظة، بعدما تأكد للناس ولمكتب المقاطعة ان ما أعلنه أنور وجدي ليس حقيقياً، بل تهمة كاذبة إنتقاماً منه لمن خرجت عن طوعه وطلبت الطلاق؟! وحيث كان من المعروف ان ليلى مراد سلمت «حالها ومالها» لأنور الذي رفض اعطاءها حقوقها المادية عن البطولات التي لعبتها في أفلام من انتاجه!!.
وفي العام 1954 حدث الطلاق بين الزوجين «ليلى مراد واباظة» بتفاهم وهدوء، لتتزوج في العام ذاته من المخرج السينمائي الشهير فطين عبد الوهاب (آخر ازواجها) ولتنجب منه ابنها الممثل زكي فطين عبد الوهاب، حتى إذا ما حل العام 1955، قررت ليلى مراد اعتزال العملين السينمائي والغنائي، وقد اختارت الاحتجاب وهي في قمّة مجديها، تاركة في ارشيفها الغنائي زهاء الـ 100 اغنية لكبار الملحنين و26 فيلم سينمائي، في خلال عمر فني استمر لعشرين عاماً احترافياً (1935 - 1955) رافضة رغبة زميلها الموسيقار بليغ حمدي بالعودة إلى الغناء، ورافضة كذلك رغبة العديد من منتجي الافلام، العودة إلى السينما..
وليلى مراد (اسمها الأصلي كري سان مردخاي اصولين) هي ابنة الفنان الشهير «زكي مراد»، واخت الملحن منير مراد (موريس مراد)، وكانت تجربتها الأولى في عالم الغناء العام 1930 عندما غنت على «مسرح رمسيس» في القاهرة، فيما الاحتراف بدأ في العام 1935، وهو العام الذي افتتحت به الإذاعة المصرية، ومنها، كانت الانطلاقة الفعلية وصولاً إلى عرش السينما الغنائية الذي استمرت متربعة عليه منذ العام 1938 ووصولاً للعام1955، عام الاعتزال.
«ليلى مراد» امضت سنوات عمرها في صراع مع النجومية الغنائية والسينمائية وقد حققتها، وفي مواجهات مع إشاعة الزوج السابق «انور وجدي» وقد تغلبت على مفاعيلها، وأخيراً في راحة بال وطمأنينة في زيجتين منحاها الحنان والسكينة و... الأولاد، قبل ان تسلم الروح عن (80) عاماً، بتاريخ 15/11/1995، رحمها الله..

abed.salam1941@gmail.com