بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 كانون الثاني 2024 12:00ص تجلّيات رؤية 2030 في مهرجان الرياض للمسرح

حجم الخط
تضجّ أوساط المسرحيين العرب عبر منصات التواصل الرقمية هذه الأيام بالحديث عن «مهرجان الرياض للمسرح» بدورته الأولى، الذي يهدف إلى تعميم الحضور المسرحي كمنجز رسالي اجتماعي أحد وجوهه تثوير العمل الثقافي في المملكة العربية السعودية والعالم العربي فكرا وممارسة، يأتي في صلب تمظهرات رؤية 2030 الريادية لدعم الثقافة والفنون برعاية الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، وبواسطة «هيئة المسرح والفنون الأدائية» التي يترأسها سلطان البازعي وهي المسؤولة المباشرة عن تنظيم هذه المناسبة المخصصة للفرق المسرحية السعودية فقط. ينطلق الممثل المسرحي السعودي المعروف عبدالله السناني مديراً للمهرجان بشغف وحماس كبيرَين لإتمام مهمته الشاقة تأكيدا لحضور المسرح السعودي عربياً ودوليا، ولأهدافه الاجتماعية السامية في تجديد المشهد الثقافي العربي، حيث انطلقت المرحلة الأولى منه في 19 حزيران الفائت باستقبال طلبات الفرق المسرحية التي ترغب الاشتراك والتي بلغت أكثر من سبعين طلبا، تم إيداعها لجنة تحكيم لفرز نصوصها بآلية الترميز لاختيار الأفضل من بينها، لتتأهّل من بينها عشرون فرقة بدأت تقديم أعمالها اعتباراً من 10 أكتوبر/ تشرين الأول حتى 13 من تشرين الثاني بمعدل خمسة عروض لكل فرقة في المنطقة التي تنتمي إليها وعلى امتداد ثمانِ مدنٍ في المملكة، بما يتيح فرصة حثّ الجمهور على التفاعل والتعارف واللقاء مع صانعي المسرح، والابتعاد من مركزية العمل المسرحي التي تهمّش الأطراف والمناطق البعيدة عن العاصمة مع الإشارة إلى الدعم السخيّ الذي قدّمته الهيئة لهذه الفرق بمعدل 300 ألف ريال سعودي لكل منها لتجهيز مسارحها والاستعداد بشكل مناسب يليق بالمهرجان، وكي تكون على مستوى واحد من المنافسة المتكافئة فيما بينها. في المرحلة الثانية خاضت الفرق العشرون معركة التصفيات النهائية لاختيار عشرة عروض، عرض واحد من كل منها، هي التي ستدخل بجدارة في المسابقة الرسمية لتنافس على 14 جائزة خلال أيام المهرجان الذي سيقام في الرياض من 13 إلى 24 ديسمبر/ كانون الأول الجاري في مركز المؤتمرات في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وهي الجامعة التي لطالما استضافت أهم العروض المسرحية العربية والدولية ومنها «جميل وبثينة» لفرقة كركلا العريقة على مسرح الجامعة خلال حزيران العام الماضي في رؤية حداثية تعيد تأويل هذه الواقعة التاريخية في عمل لبناني عالي الفنيات. أما العروض العشرة التي تأهّلت للمسابقة فهي: «بحر» لفرقة جمعية الثقافة والفنون بالاحساء، «الحِجر» لفرقة نادي القفزة الأولى، «طليعة هجر» لفرقة كلوز ميديا، «صفعة» لفرقة كالوس، «ذاكرة الشيطان» لفرقة رؤية، «ضوء» لفرقة مسرح الطائف، «بائع الجرائد» لفرقة فن بوكس، «ذاكرة صفراء» لفرقة نورس، «دوار مغلق» لنادي مسما المسرحي، «الظل الأخير» لفرقة الوطن المسرحية. في السياق، من المفيد التنويه بالمعايير التي ستعتمد لاختيار الفرق، وهي الجودة والكفاءة الفنية وطرح موضوعات إشكالية جادّة متطورة في معالجتها مسرحياً وتحقق التكامل بين النص والعرض مما يقنع الجمهور ويؤمّن عنصراً آخّاذاً يشدّهُ إلى الصالة، على أن يكون العرض جديداً لم يسبق إنتاجه، مع إتاحة المجال لعرض نصوص عبرت سابقاً إلى الخشبة إنما برؤية إخراجية جديدة لا بد منها، وبعيداً من المونودراما أو مسرح الطفل، أما لجنة التحكيم فهي مؤلفة من نضال الأشقر (لبنان)، غسان مسعود (سوريا)، فهد المذن (الكويت)، صالح زمانان (السعودية)، مدحت الكاشف (مصر). إلى ذلك، ستكون تونس هي ضيف الشرف لهذه الدورة الأولى وسوف يعرض منها مسرحية «مايراوش»، مع ما سيوفره المهرجان من تنوّع غني في المدارس والأشكال المسرحية يلبّي حاجة الأذواق الجمالية للجمهور المتلقّي، عطفاً على استضافة عدد كبير من نجوم كبار من المسرحيين العرب ستكون لهم مداخلات حول تجاربهم وتاريخهم المسرحي حضورياً مع دارسي ومريدي الفن المسرحي للتفاعل والإفادة من داخل المملكة وخارجها، مع مفاجأة «ماستر كلاس للخبراء»، إلى ورش تدريب تطبيقية، وثلاث ندوات فكرية ونقدية: الأولى عن المسرح العالمي والثانية عن المسرح العربي والثالثة عن المسرح السعودي. أما الشخصية المُكرّمة لهذه الدورة فهو الكاتب المسرحي السعودي الراحل محمد العثيم (1950 – 2018) وهو أيضاً شاعر وصحافي مخضرم وأستاذ جامعي، أغنى المكتبة المسرحية بأكثر من 45 نصا، وكتب مسلسلين وأربعة كتب، ثلاثة منها في المسرح والنقد والرابع في جنس الرواية، مع عرض أحد نصوصه على الخشبة، وطباعة مسودة كتاب من تأليفه لم يسبق أن نشرت سابقاً ومعرض فني وفيلم وثائقي عن سيرة حياته ومنجزاته كأحد رواد المسرح السعودي في العصر الحديث. في مثل هذا التوجه الريادي، يهدف مهرجان الرياض للمسرح أيضاً إلى إيجاد سوق لصناعة المسرح يفتح باب التعارف والتعاون المشترك من أجل تبادل خبرات ومعلومات وإنتاج أعمال ونشاطات مسرحية كل وفاق اختصاصه وإمكاناته يدفعنا إلى الجزم بأن المسرح اليوم يتقدم بثقة إلى مصاف المسارح الدولية والعالمية انطلاقاً من حواضر الخليج العربي.

الحسام محيي الدين