الحفل الذي إفتتح موسماً جديداً من العروض المبرمجة لفرقتي الكونسرفاتوار (الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، والأوركسترا الوطنية اللبنانية الفيلهارموني) للموسم الجديد على خشبة مسرح بيار أبي خاطر - الجامعة اليسوعية، فتح الباب على قضية جماهيرية مهمة جداً تتعلق بمضاعفة عدد الحفلات التي تقام مجاناً ويتزاحم الجمهور على إختلافه لحضورها، خصوصاً عندما يكون النجم المغني في حجم وقيمة الفنان الراقي «غسان صليبا»، فنحن وصلنا إلى المسرح عند السابعة والنصف أي قبل ساعة من موعد الحفل ووجدنا بابيْ الجامعة موصدين أمام الجمهور الذي تجمّع بالعشرات عند باب الجامعة من دون أن يكترث أحد للإهانة التي تطال جمهوراً محترماً جاء لحضور الأمسية فوجد نفسه في الشارع بحيث لم يكترث المنظمون للأمر وعلى الأقل السماح بدخول الناس إلى البهو الخارجي للمسرح، بحيث لا يكونون عرضة للمهانة في الشارع، وبإمكانهم التجمّع في مكان محترم داخلي، لا يُشعرهم بالدونية.
وزاد الطين بلّة في الداخل أن مدير الكونسرفاتوار «بسام سابا» خاطب الحاضرين قبل بدء الحفل داعياً إيّاهم لعدم الحضور في المرة المقبلة إفساحاً في المجال أمام الآخرين الذين لم يتمكنوا من الدخول هذه المرة لكي يفوزوا بأماكن لهم في المرة المقبلة، وطبعاً هذا حل غير منطقي وغير مقبول، من خلال توزيع الجمهور على عدة حفلات بدل المطالبة بمضاعفة عدد الحفلات تلبية لرغبة عموم الناس في رغبتهم متابعة كل الحفلات ما دامت متاحة بالمجان للعموم.
ليلة واحدة مع الرائع «غسان صليبا» طبعاً لا تكفي، ولتكن على الأقل حفلتان، لتجاوز مبررات سمعناها في الداخل والخارج عن صعوبات وتحضيرات وخلافها، لكن أين التنظيم، وأين إعتبارات الثقافة الجماهيرية، حفلة إضافية ليست مستحيلة التحقيق، على الأقل للتصالح مع من لبّوا الدعوة للحضور وأهينوا ببقائهم خارج سور الجامعة التي تحتضن المسرح، والكلام واحد: «ما بقا في محلات»، فإذا كانت الأماكن الشاغرة نادرة في القاعة، ألم يكن أهون التعاطي مع هؤلاء المحترمين خلف سور البوابتين كالسجناء بمذلّة وكأنهم ينتظرون مساعدة ما ممن أقفلوا الأبواب على أنفسهم؟! ألم يكن أفضل مبادلتهم بإعتذار لتركهم خارج القاعة لأنها تغصّ بمحبّي الفنانين غسان صليبا والمايسترو أندريه الحاج، وإستقبالهم في الباحة الرحبة جداً التي تُفضي إلى المسرح؟!
ولا ننكر أننا كنا بقينا مع المستغربين في الشارع لولا أننا إتصلنا بمن أرسل إلينا من يأخذنا إلى الداخل بصفة ليست صفتنا، لكننا دخلنا وفزنا بسهرة ممتعة تجلّت فيها كل معاني الرقيّ والإبداع مع الرائعين والمتواضعين:غسان وأندريه، وتحية صادقة من القلب وليست لا تحبّباً ولا دبلوماسية لعموم العازفين في الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، لأنهم كانوا أكثر من ممتازين وشرّفوا الكونسرفاتوار بأدائهم المذهل لكل الألحان التي غنّّاها الفنان صليبا (كتبولي حبك، غريبين وليل، رح حلفك، الليل يا ليلى، لا عيوني غريبي، من عز النوم، وطني بيعرفني، لمعت أبواق الثورة، زيّنوا الساحة) والتحية للفنانة السيدة عايدة شلهوب زيادة على تدريبها للكورال المشارك في الحفل، وطالما أن ما يستوعبه مشكوراً مسرح بيار أبو خاطر محدود، فالأجدى إعتماد أحد صرحين كبيرين هما قصر الأونيسكو، وقصر المؤتمرات – ضبية القادرين على إستيعاب أكبر عدد مكن من الروّاد، ونضيف عليهما المسرح المفاجأة الذي قلنا عنه قبل أشهر كلاماً بالغ الإيجابية ونقصد مسرح البوليفار (الشياح) الراقي والحديث والشاسع فلماذا لا يعتمد الكونسرفاتوار على أحدها لتكون خيارات مفتوحة أمامه فيما الجمهور جاهز والكونسرفاتوار غير جاهز؟!..