إستكمالاً لما سبق وكتبه الزميل الياس العطروني في «قطاف - اللــــــواء الثقافي» في عدد سابق، حول موضوع «الوراثة الفنية»، أو ما يطلق عليه «التأثير الجيني» على الأبناء من احد الوالدين، اعتبر ان ما اتى عليه الزميل العزيز من تساؤلات، صبت كلها في خانة «الحقيقة» في جانب كبير منها، لكنها تحتاج الى أدلة «موثقة» بالوقائع، لاسيما وان موضوع الوراثة الفنية متشعب، وغالباً لا يتطابق مع الواقع؟!.
لقد عاصرت، وعلى مدى 55 عاماً من العمل في الصحافة الفنية، الكثير من مطربات ومطربي الوطن العربي، كما تعرفت على اولادهم وبناتهم، ووجدت لدى بعضهم «إرث» الصوت الغنائي الجميل، بمثل ما افتقدت هذه الميزة لدى البعض الآخر، ما يعني ان «علاقة الوراثة الفنية» غير ثابتة علمياً بشكل تام أو قطعي!،
في الحيز الإيجابي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، اذكر المطربة القديرة المعتزلة بعد التحجب، وهي من جيل الوسط في القرن العشرين، «نهاد فتوح»، إبنة المطربة الكبيرة الراحلة سعاد محمد من الزوج الشاعر الغنائي محمد علي فتوح...
ومن الجيل الذي سبق، وفي الحيز ذاته، اتذكر الراحلين الكبيرين أسمهان وشقيقها فريد الاطرش وقد ورثا الصوت الجميل عن والدتهما السيدة «علياء المنذر»..
ودائماً على سبيل المثال، أتابع من الجيل الحالي، صوت الصاعد محمد شاكر إبن المطرب فضل شاكر، وقد ورث عن ابيه، اضافة للصوت الجميل «النبرة» المتكاملة بينهما!؟.
لكن بالمقابل، هناك عشرات الأسماء لمطربين ومطربات اشتهروا عبر مختلف الأجيال بجمال الصوت، وكان لهم أولاد واحفاد لم ينعموا بمثل هذا الأرث؟!.
لا في الماضي... ولا في الحاضر؟!.
وقد يكون لبعض هؤلاء الأولاد والأحفاد «جينة» الصوت الجميل، لكنهم، إما انهم لم يفصحوا عنها، واختاروا الإبتعاد عن ساحة الغناء... وإما ان هذه «الجينة» كانت تحتاج الى تنمية بالدراسة والعلم، وتجنب الأولاد هذا الامر، وفضلوا امتهان اعمال أخرى؟! ومن بين هؤلاء اولاد واحفاد لنجوم غناء، ولو اردنا التسمية لاحتجنا الى صفحات...
ماذا يعني هذا الكلام؟
هو يعني، وبكل بساطة، ان «وراثة» الأبناء لموهبة الصوت الجميل، عن الآباء أو الامهات، ليس أمراً «مقطوع البت» فيه، فقد يحدث، وقد لا يحدث، وأن «الجينة» الوراثية في مجال الغناء، قد تكون حاضرة لدى أي من هؤلاء الأبناء والاحفاد، وقد تكون أيضاً غائبة، مع الإعتراف، بأن حضورها، ولو على خجل، يمكن ان تجعل من حاملها (أو حاملتها) صاحب صوت مكتمل وجميل، ان شاء الاحتراف ومتابعة الطريق، ولكن، بعد استكمال الدراسات الفنية، والتدريب، على ايدي متخصِّصين!.