بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آذار 2018 12:06ص «سمية بعلبكي» غنَّت صباح.. وديع.. ومارسيل في ليلة طربية

«لبنان بعلبكي» أدار 55 عازفاً من الأوركسترا الشرق عربية...

حجم الخط
«سمية بعلبكي» أطلت وحيدة في كونسرت غنائي على خشبة قصر الأونيسكو مع 55 عازفاً من الأوركسترا الوطنية اللبنانية الموسيقى الشرق عربية بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، شقيقها.
ليلة عامرة، مميزة، طيبة ومريحة جداً، ندرت في الصالة والبلكون المقاعد الشاغرة والزحام كان شديداً في مواقف السيّارات، وسط ورشة شهدها القصر، لكن الغناء كان في مقام آخر، ذهب الصوت الذهبي إلى ما يشبهه من انغام وأنماط، فجاء الغناء ثرياً، فيه روح الإصالة المتجددة بكل فروعها ومعانيها، خصوصاً وأن الخيار ذهب إلى الراحلين الكبيرين صباح، ووديع الصافي فغنت لها: عالضيعة، يسلم لنا لبنان، قلعة كبيرة، يا دلع دلع، وله: سبحان من جملك، يا قمر الدار، على رمش عيونها، رح حلفك بالغصن يا عصفور، وهنأت الأمهات بعيد الأم من خلال أغنية الفنان مرسيل خليفة: أحن إلى خبز أمي، وواحدة لـ سمية التي نالت عنها الميكروفون الذهبي من إتحاد الإذاعات العربية في دورة تونس بعنوان: لا أريد اعتذاراً، التي لحنها إحسان المنذر (هناك تعاون يجري التحضير له بينهما) ووضع كلماتها الشاعر الراحل أنور سلمان.
حضور المطربة طاغ.
صوت واثق قادر، متمكن من كل الطبقات، فإن هبطت إلى «الباس» كانت سيّدة اللعبة، وإن إرتفعت لا يعود هناك سقف، تكون الأمور مفتوحة على الأرحب والأجمل، وهذا ما سمعناه طوال السهرة التي لفتنا فيها مجدداً الأداء الرائع لعازفي الأوركسترا التابعة للمعهد العالي للموسيقى «الكونسرفاتوار»، وهنا يحضر المايسترو لبنان بعلبكي بكل لياقة، ومهارة، وطوله الفارع يخدم أيضاً في جعل عصاه حاضرة، وواضحة الإشارة سواء للعازفين على الخشبة أو السميعة الحاضرين.
الانسجام بين الأخوين بعلبكي كان واضحاً جداً. هي تنظر إليه بحنان وتأثر وهو يحاول قدر الإمكان أن يكون قريباً من مناخها بحيث لا تفوتهما ولا نغمة أو غطاء من أي نوع، فكل ما في الأمر أن الصورة المرتسمة عن هذا التعاون تمثل المعنى العميق للانسجام النموذجي، بين الحنجرة والأنغام المصاحبة، وهنا جاءت الكلمات المقتضبة لكن المعبرة من قبل مدير الكونسرفاتوار الدكتور وليد مسلم حين صعد إلى الخشبة وهنأ الأخوين بعبكي معتبراً أن هناك سحراً واضحاً في أدائهما مع الأوركسترا التي لامست قلوب جميع المشاركين في الحضور والتواصل، ثم كانت توطئة لمنح «سمية» درع وزارة الثقافة مقدماً من الوزير الدكتور غطاس خوري ممثلاً بمدير قصر الأونيسكو سليمان خوري، الذي قال  إن الدرع منح لـ «سمية» تعبيراً عن التقدير لمدى إسهامها في الحفاظ على الغناء الأصيل في كل حفلاتها ونتاجها الفني.
والمعروف أن شقيقها «لبنان» سبق ونال الدرع نفسه في حفل صاخب سابقاً في الكنيسة الملاصقة لمسرح مونو - الأشرفية.
«سمية» في حفل الأونيسكو شكلت قيمة طربية لافتة. فمع هذا الصوت المعتق بدا السميعة في غاية السعادة، بما يعني أن هناك جمهوراً متعطشاً لسماع الطرب، والغناء الصحيح، والتفاعل معه، وقبلها كان الجمهور نفسه قصد كازينو لبنان حيث  ضرب معه الفنان غسّان صليبا موعداً لحفل مشابه غنى فيه غسّان باقة من ألحان الزمن الجميل للأخوين رحباني خصوصاً.
هذا يعني أننا نتلمس حضوراً طاغياً وقوياً وفاعلاً لجمهور يفهم الغناء ويعرف ماذا يسمع، وبالتالي فان قلة حفلات أنصاف وأرباع المغنين تؤشر هي الأخرى على ميزان جماهيري جديد بدأ يميل بصورة ودون موارية إلى النخبة، إلى الأصالة.
لا شك بأن هذا المناخ سينعكس أيضاً على برمجة مهرجانات الصيف في ربوع وقرى وخشبات ومواقع لبنان. نعم، لن تكون هناك أسماء هجينة، أو مواهب لا وزن لها، بل إن هذا الإقبال على الحفلات النموذجية، والمواهب الكبيرة يعني فيما يعني أن صحوة الأذن والذوق بدأت تفرض نفسها على الساحة وتفرد لنفسها مكاناً جيداً للمتابعة.
«الليالي اللبنانية».
سمة مضيئة، فنياً، خصوصاً وأن رمزها في حفل الأونيسكو سمية بعلبكي التي أثبتت على مدى السنوات الماضية انها متمسكة بالتراث وتقوم بتحديثه على الدوام ما وسعتها الفرص من مجالات.