بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 نيسان 2019 12:00ص «شاطر فؤاد» «ستاند أب» كوميدي على خشبة «مونو» لشهر

«فؤاد يمين» تقلَّب مع حكاياته وجعلها في متناول الجميع...

حجم الخط
تنقَّل فؤاد يمين ممثلاً قريباً إلى القلب بين الشاشتين والخشبة. لكن المسرح بقي المكان الأكثر إنسجاماً وراحة له، وفق ما يلاحظه كل من تابعه، خصوصاً الأعمال الخاصة بالأطفال وتجربته مع الفنان كريم دكروب، لكنه لم يركن لمكان، أو يهدأ في موقع واحد فجرّب الدراما، وانسحاب لفترة إلى تقديم البرامج وأثبت «كاريسما» خاصة في «نقشت» العائد قريباً في حلقات جديدة، من دون أن يسلم من كلام الحاسدين وحرتقات البعض على تفوّقه في أن يكون «وان مان شو»، لذا لم نستغرب أن نشاهده في مسرحية «شاطر فؤاد» التي وجدناها إسماً على مسمَّى.
على خشبة المسرح الصغير في «مونو» يقف «فؤاد» وحيداً أمام جمهور يملأ المكان الصغير بمساحته، والكبير بكمية الحب التي يمنحها جمهوره ليلة بعد ليلة. وكان لافتاً في عرض الإفتتاح (الخميس في 28 آذار/ مارس المنصرم) حضور عدد لافت من الفنانين المعروفين الذين عمل معظمهم إلى جانب الفنان البشوش دائماً. والذي يضجُّ مظهره بمعالم الإنشغال بشيء ما، بموضوع ما، طبعاً في مجال الفن، يبدو في كل ما يفعله مسكوناً بموهبة كبيرة.
نعم هذا المتعدّد الطاقات. وظّفها معاً في عمله الجديد، حدثنا عن نفسه، عمن حوله، عن ماضٍ قريب وآخر بعيد، عن أيام الدراسة والشباب الأول، والتناقضات في الحياة كما في شفافية التعامل مع الذات، وكان في كل هذا ممتعاً، مقنعاً وشديد التأثّر فيما يقول، ويفعل من حركة وفعل شاعري أمامنا على الخشبة الصغيرة التي توسّعت معه، وصارت أكبر من كبيرة وهو يمارس أدوات الأداء من إنفعال وتأمّل وغوص في الموضوعات إلى حدّ التماهي، فكان واحداً من الحضور بكل تداعيات وتناقضات المواقف التي يشخّصها بتقنية تمثيلية بالغة العفوية والكفاءة، لذا تفاعل الحضور مع «فؤاد» في كل تقلّبات القصص التي يرويها بكثير من التدفق والصدق على مرمى أمتار قليلة فقط.
الـ «ستاند أب كوميدي» فرصة أتاحها كثيرون لأنفسهم لاستعراض ما لديهم من طاقات، لكن معظمهم لم تهضمهم الخشبات، والإستثناء يُحدّد الفنان رفيق علي أحمد «الجرس»، وها نحن نقف رافعين قبعة الإعجاب بـ فؤاد يمين لأن التعاطي مع هذا النوع من المسرح يقتضي أن يكون الممثل واحداً في عدّة ممثلين، أو العكس، وهي مهمة لا يستطيع إنجازها إلا قلّة أو ندرة من المشتغلين في حقل التمثيل إما لقصور خاص - أو لعدم توفّر كاتب مناسب، أو لأن المخرج القادر لم يكن موجوداً لقيادة الممثل.
الفضفضة المحببة هي صورة أخرى من كسر حاجز آخر بين الجمهور والممثل، فقد تكون الروايات غير جاذبة، أو أسلوب الفنان ثقيل الظل، لكن مع «فؤاد» فأمر الموهبة محسوم من زمان مع تلوّن وتنوّع المنابر التي وقف عليها وقال «المونولوغ» الخاص به. وما واكبناه في عرض مونو، يُؤكّد على صلابة الأرض التي يقف فوقها هذا الفنان، مقدِّماً الإثبات الميداني بأنه جدير بتولّي عدّة مهمات في وقت واحد على الخشبة، من دون تعب، أو تشتّت، أو ضعف تركيز.
الذكريات الشخصية عندما يصوغها صاحبها في قالب جاذب، صادق، ومباشر، تعطي نتيجة مؤكدة من قبل الجمهور، الذي لا يستطيع أن يكون على الحياد مع تصاعد وتيرة حكايات إلى مستوى الصورة المباشرة لصاحبها، نعم يقول هذا أنا الذي أتحدث عنه، كنت هكذا وأنا أعترف بكل ما مرَّ معي من غير تردّد، وتشرّفني كل المحطات الناجح منها، والفاشل في آن. هكذا قالها «فؤاد»... فكان شاطر «فؤاد» في نصه وحركته وطبيعة ما تناوله في سياق ما رواه من كل حدب وصوب.
أمتعنا العرض، وأحببنا صاحبه أكثر، لأنه شخصية متفرِّدة في تقمّص الأدوار أياً كان نوعها بالفرادة نفسها.