بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تشرين الثاني 2018 12:22ص «طقوس الربيع» لـ «صبا علي» على خشبة «إيروين هول ـــ LAU »

36 راقصة وراقصاً رسموا حكاية مشهدية موسيقية متقدّمة..

حجم الخط
العلاقة بين فصل الخريف والعروض المسرحية وثيقة وعميقة ولا يتبدّل موعدها عاماً بعد عام. والواضح أن موسم 2018 يتمتع بزخم قوي فالمواعيد وفيرة على أكثر من خشبة بيروتية، وهو ما سنغطّيه في مقالات لاحقة على عادتنا مع كل جديد يُطرح جماهيرياً.
الجامعة اللبنانية الأميركية/ lau، لها محطات إنتاج مسرحية تواصلت بإيقاع منتظم، وشكّلت حضوراً أكاديمياً – جماهيرياً لافتاً مع الحاجة التي يعلنها المسرحيون لخشبات إضافية تسد الحاجة الملحة التي تتطلبها الأعداد المتزايدة من الخريجين في إختصاص المسرح، وهو ما يستوجب البحث الجاد عن منابر مناسبة لإستيعاب التجارب المتلاحقة للمسرحيين الشباب خصوصاً، كما يلبّي رغبة دائمة عند المخضرمين لمسارح جديدة وعديدة.
«طقوس الربيع» (the rite of spring) عمل جيد أخرجته فنياً «صبا علي» وتقاسمت مع الآسيوية «كاينغ هوانغ» العزف على بيانو واحد رافقت موسيقاه لوحات مشهدية راقصة شارك فيها 36 راقصاً وراقصة تولّت رسم خطواتهم: «كريستال فرح» و»سارة فاضل»، وكان لافتاً جداً دقة الأداء الراقص مع وجود عمليات تداخل ما بين المجاميع على الخشبة، حصلت بسلاسة واضحة وكنا أمام هذا الفريق من الراقصين وكأنهم فرقة عريقة محترفة تبتغي الإجادة قبل أي شيء آخر، لذا بدت اللوحات في غاية الإتقان والشفافية والإبداع من دون أي أخطاء.
ولا ننكر هنا أننا تعمّدنا المراقبة الدقيقة لحركة الراقصين، وإنسجامهم مع المقطوعات الموسيقية المصاحبة وهذا يعود إلى التدريبات المضنية التي خضع لها الراقصون مع دقة في تنفيذ المؤثرات المشهدية مع «جورج شديد» و«طوني عنقا»، كما أن إدارة المسرح وضبط كل ما يجري فوقه أعطى أحقية في الثناء لـ «هديل قطيش» و«نهى مياري» لأن الأمور بالكامل كانت تحت السيطرة، وهو ما شعر به المشاهدون على مدى وقت العرض الذي حضره لفيف من أساتذة الجامعة ومسؤوليها، إضافة إلى حشد من الرواد في طليعتهم العديد من الزملاء الذين إعتادوا رصد هذه العروض لما فيها من متعة وفائدة.
وإسهاماً في الصورة المطلوبة من ملابس رائعة وماكياج مناسب لسن الصبايا الصغيرات المشاركات في الرقص إلى جانب شباب في مثل سنهن، كانت اللوحات التعبيرية التي خدمت بطريقة ما تفاصيل التفكير القبلي في التعامل مع شخصية الفتاة المنذورة لتكون الضحية المقدّمة لآلهة الربيع، عن طريق الرقص حتى الموت، بحيث تبدو الصبية العذراء تائهة غير مُدركة ما يجري حولها، لكنها تتجه في الطقس الرقصي مع موسيقى إيقاعية مدوية لأن تفقد توازنها وتقع جثة هامدة لا حول لها ولا قوة، وهنا فقط ينتبه الجميع إلى الفعل الشنيع الذي إرتكبوه في محاولتهم إرضاء سادة القبيلة في تطبيق الطقوس الوثنية الهادفة إلى إرضاء الآلهة، لكن الصورة التي تصلنا تذهب إلى أبعد إلى ما يفعله الحس الجماعي الجاهل حين يستجيب للقيمين عليه من دون تحليل أو تفكير.
«طقوس الربيع» تحكي عن جانب من الأفكار الجامدة في مخيلتنا لأنها مذ وجدت لم تتبدل أو تتغير أو حتى تتعدل على الأقل، مما يُوجب التصدّي لها وتصحيح مسارها حتى لا نظل نبذل الغالي والنفيس على مذبح الموروث السيء الذي يدفعنا إلى التعاطي مع يومياتنا الحاضرة وكأنها تحصل قبل قرون، متناسين أن الزمن تغير، وأن العلم تطور وما عاد مناسباً التواطؤ مع الماضي للقول له إنه ما زال الأفضل والأحسن دونما شك .
أحببنا المسرحية التي حكت فيها المشهدية الراقصة والموسيقى، ولم تحضر الكلمات لأنها لم تجد مكاناً لها في السياق.