بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 شباط 2018 12:00ص «علي أبو شادي» كبير النقّاد الفنيين غادر وترك الكثير من القيم المهنية

تقلّب في الكثير من المناصب لكنه أصر على صفة الناقد..

حجم الخط
رحيل الزميل الكبير «علي أبوشادي» عن 72 عاماً أحزن الوسطين الإعلامي المحترم، والفني الذي عايشه وعرف معه أزهى الأوقات رغم الظروف العاصفة التي واجهها على مدى سنوات من العمل والمواجهة العلنية لصالح الأعمال الفنية رغم وجوده على كرسي المسؤولية الرسمية، سواء كمستشار لوزير الثقافة (فاروق حسني) أو كمدير للمركز القومي للسينما، أو كمدير للرقابة على الأعمال الفنية، وهو يتباهى بالكلام الذي قاله بوجوده في قاعة المؤتمرات الصحفية بمهرجان كان السينمائي الدولي في الدورة الخمسين للمهرجان المخرج الكبير «يوسف شاهين» عندما وجّه إليه تحية شكر لما أبداه من موقف جريء في دعم فيلمه (المصير) يومها من بطولة «ليلى علوي»، و»محمود حميدة»، كمدير للرقابة.
ناقد فريد نوعه، ندرة تعمل بالأسلوب الذي يعتمده، إنه يتطهر قبل مباشرة الكتابة ولا يُراعي إلا ضميره وميزانه، ونحن اليوم لا نُبادر إلى قول هذه الإيجابيات لمجرد وفاته، أبداً لكنها مناسبة لكي نصارح الجميع بأن هذه الطاقة الإبداعية الكبيرة، أثّرت في زملاء حديثي التعاطي مع الشأن النقدي، وسلك عديدون وفق نهجه في التناول إستناداً إلى ميزانه الشخصي، وإلى الدبلوم الأكاديمي (دراسات عليا من المعهد العالي للنقد الفني) مما أعطاه درجات متقدمة في القياس وإبداء الرأي دون التطلع إلى الإعتبارات الجانبية الأخرى، فكانت آراؤه جازمة تحظى بأكبر قدر من الإحترام والتقدير.
شكّل الراحل على الدوام ثالوثاً له وزنه في حقل النقد، مع زميليه: «سمير فريد» الراحل قبل عشرة أشهر، و»كمال رمزي» المستمر ثابتاً وقوياً ومحترماً في مجاله، ويحضر على موجتهم من الزملاء: (الماجدات الثلاث: واصف، موريس، وخير الله، إضافة إلى مجدي الطيب، نادر عدلي، طارق الشناوي، الأمير أباظة، وقلة غيرهم)، وقد أثبت «أبوشادي» مدى صدقيته المهنية مع ظهوره بشخصية شفافة متماهية مع حقوق النقاد والفنانين، حين يكون متسلّماً منصباً قيادياً خصوصاً في الرقابة التي عرفت معه العديد من المعارك إنتصر فيها للفن وحرية التعبير، فإستحق الثناء أكثر من مرة.
عرفناه في أكثر من مهرجان، سواء في القاهرة، أو دمشق، أو قرطاج، وصولاً إلى مهرجان كان السينمائي الدولي، هناك كان يلتئم من حوله النقاد والفنانون المصريون الذين إعتادوا السفر ومشاهدة ما أمكنهم من أفلام، والإطلاع على هذا المنبر السينمائي العالمي وكيف ينشط السينمائيون في كل إتجاه حباً بالسينما التي شكّلت دائماً عنواناً عريضاً في حياة وجهد «أبوشادي»، فقد نشر كتباً من عناوينها (سحر السينما، كلاسيكيات السينما المصرية، السينما والسياسة) وأعدّ وقدّم برنامجين تلفزيونيين (ذاكرة السينما، وسينما لا تكذب)، وكان عضواً في «جمعية نقاد السينما المصريين» وفي «الإتحاد الدولي للنقد» (فيبريسي)، مع فاعلية في كليهما.
وفي السياق عمل «علي» من خلال أدواره في وزارة الثقافة على تخفيف عدد وغلواء الأفلام التجارية، مما أتاح في الفرصة أمام الكبار في حقلي العمل أمام وخلف الكاميرا لأن يبادروا ويشاركوا في صناعة أفلام على قدر عال من المستوى أعاد إلى صورة السينما ألقاً إفتقدته منذ زمن، وهو ما دفعه لأن يُعلن أكثر من مرة أنه لن يسمح بتمرير أفلام عبر الرقابة في عهده تسيء إلى تاريخ السينما المصرية العريق، طلب من المنتجين تفادي الأفلام الرخيصة التي لا تحترم القيم المجتمعية ولا المستوى اللائق للمقارنة مع ما كانت عليه السينما في مراحل متعددة من البدايات التي ما زالت أهم من النهايات هذه الأيام.