بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 آذار 2018 12:00ص «غسان صليبا» أمتع السَّميعة بأحلى الغناء في حفلين

ملأ صالة الكازينو بصوته المدوّي ولم يتعب...

حجم الخط
من وقت لآخر يطل المطرب النجم غسّان صليبا في حفلات غنائية منفصلة، وإن في فترات متباعدة، لكن ما يحصل أن حضوره يكون سبباً في خروج السميعة من منازلهم إلى حيث موعد الحفلات ومكانها..
حفلتان رائعتان أحياهما «سيف البحر» في كازينو لبنان.
هذا الفنان مدرسة قائمة بذاتها في الغناء، والثقافة الفنية، والأخلاق، أن تمتلئ الصالة على مدى ليلتين بكل مقاعدها فقط من أجل الإصغاء والتمتع بالغناء الصحيح والحقيقي، وأين في كازينو لبنان.
12 عازفاً، و6 كورال من الجنسين خلف غسّان على الخشبة، وهو حاضر بهدوء بثبات وثقة مطلقة، الصوت يعلو، يكون في طبقة «الباص» ثم يغني المواد التي عاشت مع الأخوين رحباني، وكان واحداً من المساهمين في أفضل أداء لها، وعندما نوَّع في الأغنيات بدا سيداً فارضاً قيمة ما يغنيه بأسلوبه ومواصفاته التي أحبها النّاس منه على مدى السنوات الطويلة الماضية.
أحببنا كثيراً، وقدرنا أكثر وجود 12 عازفاً خلفه، لماذا الثلاثين والأربعين طالما أن حنجرته قادرة على ملء الصالة، على الوصول إلى كل أذن بيُسر وسهولة وإمتاع، خطير صوته ما هذه الطاقة التي تختمر في أوتاره، وأين منها أوتار كل الآلات الموسيقية إلى جانبه، فالصوت الآدمي أولاً، ومن بعده يتراصف كل شيء، كل العناصر من دون استثناء.
لا مسرحيات يقدمها هذه الأيام، إذن لا بدّ من تمرين ميداني للصوت، يعني أن الهدف من الكونسرت لم يكن إلا فنياً بحتاً. الغناء وتجديد الطاقة المتفجرة، وفي الوقت نفسه إيجاد منابر يلجأ إليها أهل التذوق الفني، بدل إجبار أنفسهم على أنصاف وأرباع مواهب، كادوا يخربون علينا الإنتماء إلى الغناء الأصيل والحناجر القادرة.
الرحابنة الذين كانوا مع موهبة غسّان، كان هو أيضاً وفياً لهم، لم يخرج عن هذه المدرسة إلى أي واحدة أخرى أقل مستوى، فكل ما قدمه كان فيه يؤدي فرض الإحترام للحضن الفني الذي لقيه مع الأخوين الكبيرين عاصي ومنصور، ومن بعدهما إلى الرعيل الثاني، في تواصل يعبر عن أن الهم واحد، والفن الحقيقي واحد..
ببساطة كلية كانت النكهة الرحبانية سيّدة الموقف في حفلتي غسّان، مع تنويعة راقية من مختارات وطنية وعاطفية أخذت من كبار آخرين أمثال: زكي ناصيف، إيلي شويري، وديع الصافي وغيرهم، وإستأنس لمشاركة نجله وسام الذي درس في أميركا لكنه عندما عاد إلى لبنان سرعان ما إرتبط بالبلد، بالناس، بالأصول وتابع هنا. وها هو يؤدي مع والده أغنيتين: الله مش عم صدق حالي، ووطني بيعرفني وأنا بعرف وطني، وهو قال أمام الجميع (أنا سعيد بالوقوف مع عملاق كبير هوي بيي).
غنى «غسان» بعد متفرقات رحبانية (بعد الشر عن قلبك، غريبين وليل، جنات عامد النظر، رح حلفك بالغصن يا عصفور، أيها الساقي، لو كان قلبي معي ما إخترت غيركم، إذا كان ذنبي أن حبك سيدي، عاكتف المي عم تبكي طواحين، جبلية النسمة جبلية، زيِّنوا الساحة والساحة لنا، يا راية العلالي، كان العمر بأولو، مقطع: إذا راح ملك بيجي ملك غيرو، وإذا راح الوطن ما في وطن غيرو، يا لبنان دخل ترابك، تعلى وتتعمر يا دار، بكتب إسمك يا بلادي، يا أهل الأرض، لعيونك سيف البحر، لمعت أبواق الثورة) حيث قاد العازفين والكورال المايسترو «جورج مرعب».
مقولة «الجمهور عايز كده» سقطت.
نعم لأن سيادة بعض الأعمال الهابطة لا تعني أن النّاس تفضل هذا النوع، بل ان الجمهور لا حول له ولا قوة على منعها، وإعلان رفضه لها سوى عند ظهور ما يستحق الإهتمام والإستماع والمتابعة، كمثل ما حصل مع الفنان غسّان صليبا، الحضور كانوا على نفس الروح والفرح والإمتاع، معه أخذوا حقهم، طالوا ما يريدونه من فن جميل، وكياسة فنان، وقدرات غير عادية كموهبة كبيرة تفرض نفسها ومنطقها على كل من يقدرون ما يسمعون ويباركون السمين ويتركون الغث، معه كنا في كوكب آخر، وعالم مختلف عن السائد في زماننا، فربما تغير شيء أو كل شيء من يدري.