بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 آب 2018 12:05ص فنانون خاضوا غمار تأييد الساسة والزعامات دونما فائدة

وآخرون إختاروا قضايا مختلفاً حولها.. والأفضل الإهتمام بالفن

حجم الخط
«أنا أقول ما يمليه علي ضميري، أن تفرق في حق المثليين، أن يعترف بوجودهم المجتمع هو بالضبط كأنك تفرق بين من ولد ببشرة سوداء... المثليون ولدوا بميول رومانسية لنفس الجنس، وهذا موثق علمياً الآن ومؤكد ككروية الأرض، والجهل بهذه الحقائق هو ما ينقص المجتمع لفهم ما يعانيه المثليون».
هذا ما غرد به عبر حسابه على تويتر مؤخراً الممثل خالد أبو النجا، ترى هل هذه القضية هي أهم ما يواجه أمتنا ومجتمعنا العربي، هل الشذوذ هو موضوعنا وهمنا الأول، ولماذا يكون بعض الحاضرين على منابر الفن والعطاء، أو فلنقل الشهرة غائبين عن المشاكل الحقيقية التي يعيشها النّاس، جمهورهم هنا أو هناك أو هنالك، وما دخلك أيها الفنان، أيها الممثل في موضوع يمقته مجتمعك وناسك ولا يرضى عنه دينك.
مشكلة الفنانين غالباً تصب في خانة السطحية التي يتحلون بها ويجيدونها، فنحن ربما غضضنا الطرف عن عدم إلتزام هؤلاء بقضايا أوطانهم أو أمتهم على أساس أنهم يتواصلون مع أوسع شريحة جماهيرية من دون تمييز أو تعصب، لكن لماذا يدخلون في مجالات لا شأن لهم فيها كالدين، والسياسة، والعلم، وقضايا بها إختصاصيون يعرف فيها أكثر من غيرهم ممن لا إختصاص لهم فيها، وهل من المفيد للفنانين مثلاً الجهر بمواقفهم السياسية أو تعصبهم الديني في بلد متعدد كلبنان.
أي فائدة يجنيها هؤلاء وجمهورهم يتمدد مثلاً على كامل الجمهورية، مع الإحترام لكل رأي، وكل طرف، وكل حزب، وكل ذي معتقد، فما الذي يمنع أن يفكر الفنان كما يريد، ويحب من يختاره قلبه وعقله ومزاجه، لكن لماذا إعلان ذلك وكسب ود طرف على حساب طرف آخر، أي فائدة يجنيها من ذلك... لا شيء سوى أن توجه إليه السهام وهو قادر أن يجعلها جميعاً لصالحه.
مثلاً ليست الفنانة إليسا (شفاها الله) مضطرة لإعلان أنها مع القوات اللبنانية، كما أن الملحن سمير صفير ليس مضطراً لتقبيل يد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أو أن نرى المطرب معين شريف في معظم مناسبات التيار الوطني الحر، في مقابل ما نجده مقبولاً أن يحضر الفنان راغب علامة مناسبات صديقه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أو أن نرى الفنان عاصي الحلاني، يغني في معظم المهرجانات، فكان في «شقيف 2018» (مهرجانات صور الدولية) بحضور السيدة رندة نبيه برّي، وله لقطات مثلاً مع الدكتور سمير جعجع في معراب... والمعنى هنا أن يكون الفنان غير منتم سياسياً، بل أن يحابي جميع الأطراف على الساحة اللبنانية، ونحن نواكب هذه الأيام، ومنذ أشهر ما يحاول الفنان جميل الصوت والأداء والإحساس فضل شاكر إصلاحه في علاقته بجمهوره أولاً، قبل حل قضيته الأمنية القانونية مع أسمى علامات الإنتماء: الجيش اللبناني، فهل كان مضطراً لكل هذه الفوضى في حياته... أبداً..
ليت الفنانين عموماً، ونخص من بينهم اللبنانيين، يبتعدون عمّا يفرق جمهورهم، وهم يعرفون جيداً أنهم قادرون على تأمين جماهيرية أوسع غالباً مما يؤمنه بعض الزعماء السياسيين، وما دام هذا واقعهم فلماذا لا يحافظون عليه، ويمنعون عنه أي شائبة قد تؤثر على عدد المحبين والمعجبين.
كلما قرأنا لفنان حديثاً خارج نطاق الفن نأسف. وقد نعذره، إذا ما خاض في مادة ثقافية، في سيرة شخصية مفيدة، في معادلة قرأ عنها هنا أو هناك، أو موضوع محاضرة واكب تفاصيلها لأحد المفكرين في جامعة أو جمعية أو مرجعية ما، لكن أن نسمع بموقفه من سياسي، أو زعيم أو شخصية مختلف حولها، فإننا نشعر بالاحباط، ونتساءل لماذا لا يحسبها هذا الفنان جيداً، لماذا لا يُدرك أن فنه هو في الصدارة، وما لا يخدم خطه الفني فليستبعده من طريقه.
كل من أتينا على ذكرهم من الفنانين نحبهم، نقدرهم ونحترمهم، ومن هذا المنطلق تناولناهم للاضاءة على موضوع بات مصيرياً بالنسبة لهم فالكثير من المواقف التي تتخذ قد تكون ضربات مدمرة بحق الحاضرين في هذا الوسط الجماهيري العارم، ونحن ندرك حجم القضايا الاجتماعية والإنسانية التي يُعاني منها العرب وهي جديرة بالتناول بدل تأييد ساسة وزعماء.