بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آب 2018 12:06ص لماذا لم تغنِّ «أم كلثوم» لملحنين عرب غير مصريِّين؟

حجم الخط
من يتابع ما قدمته الراحلة «أم كلثوم» من أغنيات، منذ انخراطها الإحترافي في عالم الغناء، سيكتشف أن رصيدها من الأغنيات (على تنوعها) بلغ (296) أغنية لا غير، أولها كان في العام 1924 بعنوان «الصبّ تفضحه عيونه» من كلمات الشاعر أحمد رامي وألحان الشيخ أبو العلا محمّد (أستاذ «أم كلثوم»)، وآخرها كان في العام 1975 (عام رحيل «أم كلثوم») وحملت عنوان «ودارت الأيام» من تأليف الشاعر مأمون الشناوي وألحان محمّد عبد الوهاب.
وعلى مدى الـ (51) عاماً التي امضتها «أم كلثوم» في عالم الإحتراف، قدمت من بين الـ (296) أغنية، مجموعة قصائد لشعراء عرب غير مصريين، عاصروها، وأعجبوا أشد الإعجاب بصوتها وأدائها، وخصوصاً بشخصيتها الفئة، وبكل ما قدمت من أغنيات، فتمنوا لو أنها تغني من كلماتهم..
كوكب الشرق، لبت رغبة هؤلاء، واختارت من قصائدهم ما يليق بالغناء العربي الشرقي الأصل، وبصوتها، وغنته، لإيمانها الكبير بأن في الأمة العربية مواهب شعرية كبيرة تستحق الإضاءة عليها، وتقديمها للشعب العربي، ولا يجوز التغاضي عنها، وبذلك أصبحت كوكب الشرق «الجامعة العربية للشعر الغنائي» التي تجمع حول صوتها كل الشعوب العربية، ولا تفرقها، على عكس ما هو حاصل في «الجامعة العربية» السياسية التي تضم الحكام العرب؟!.
أما هؤلاء الشعراء، فكانوا:
{ من السودان: الهادي أدم مؤلف اغنية «أغداً القاك» العام 1971.
{ من لبنان: جورج جرداق: مؤلف أغنية «هذه ليلتي» العام 1968.
{ من المملكة العربية السعودية: الأمير عبدالله الفيصل مؤلف اغنيتي «ثورة، الشك» العام 1962، و«من أجل عينيك» العام 1971.
{ من سوريا: نزار قباني مؤلف أغنيتي «اصبح عندي الآن بندقية» العام 1969، و«والدنا جمال» العام 1970.
ويبقى هناك الشاعر الباكستاني محمّد اقبال الذي كتب قصيدة بعنوان «حديث الروح» وغنتها أم كلثوم العام 1963.
أما الشاعر بيرم التونسي، واسمه بالكامل محمّد بيرم التونسي، فالبعض ينسبه إلى مصر، فيما هو تونسي المولد، مصري الهوى والإقامة، وقد أعطى من شعره لأم كلثوم عشرات الأغنيات وحيث كان بدء تعاونهما عبر أغنية «كل الأحبة اثنين» من ألحان صديقه ورفيق دربه الشيخ زكريا أحمد (1942)، وصولاً إلى اغنية «القلب يعشق كل جميل» من ألحان رياض السنباطي (1972)..
ولكن يبقى السؤالان اللذان حيّرا كل متابعي فن وغناء أم كلثوم، واستوجبا عليّ طرحهما في العام 1990 على أحد أهم وأبرز واصدق النقاد العرب للفن الغنائي العربي والمعاصر، ومؤلف أكثر من كتاب عن «أم كلثوم»، الأستاذ الجليل كمال النجمي حيث سألته:
- أم كلثوم غنت كلمات شعراء عرب، فلماذا لم تغنِّ من ألحان ملحنين عرب؟.
اما السؤال الثاني فكان: وهي لحنت لنفسها اغنيتين، الأولى في العام 1928 وكانت بعنوان «على عيني الهجر» والثانية في العام 1936 وحملت عنوان «يا نسيم الفجر» وهما من كلمات الشاعر أحمد رامي، ولم تُعِد التجربة... لماذا؟ برغم ان ما لحنت وجدا الصدى الطيب عند المستمعين؟!.
قال: على السؤال الأوّل، اقول انه لم يحضر في تاريخ الغناء العربي، منذ أوائل القرن العشرين وحتى رحيل «أم كلثوم»، من هم ابرع من الشيخ أبو العلا محمّد، وداود حسني، وصولاً إلى محمّد عبد الوهاب والشيخ زكريا أحمد ومحمّد القصبجي ورياض السنباطي وبليغ حمدي وكمال الطويل ومحمّد الموجي والشيخ سيّد مكاوي، في صياغة الألحان التي تليق بصوت وإمكانات وأداء كوكب الشرق، وهي تعاملت مع كل هؤلاء..
قاطعته متسائلاً: والشيخ سيّد درويش؟.
قال: ألحان وأغنيات الشيخ سيّد لم تكن تناسب أم كلثوم، فالالوان الغنائية التي طرقها رحمه الله كانت خاصة به أكثر مما كانت برسم صوت أم كلثوم...
واضاف: وهناك، ملحن لبناني هو «فريد غصن» أقام لسنوات في مصر، حتى اعتبر في الوسط الفني «مصرياً»، وقد لحن لأم كلثوم اغنية وحيدة حملت عنوان «وقفت أودع حبيبي»، في العام 1943..
أما عن سؤالك الثاني، فإن أم كلثوم ردّت عليه في العام 1936 بنفسها، عندما غنت «يا نسيم الفجر»، ثم كان قرارها غير المعلن بالتوقف عن التلحين برغم نجاحها فيه، وتفرغها لغناء الحان أبرز ملحنين عصرها... ليس في مصر وحسب وإنما في الوطن العربي كله!!.
قلت: كيف تحكم وتقول «في الوطن العربي كله» وهي لم تغن من الحان أي ملحن غير مصري؟.
قال: وهل برأيك من هو ابرع من كل ملحني أم كلثوم؟ ثم هل هناك ملحن عربي غير مصري تقدّم من أم كلثوم بلحن يليق بإمكاناتها، ورفضته؟.
قلت: بالتأكيد لا..
قال منهياً الحوار: إذاً... الجواب أصبح لديك، والشعراء العرب، كما يبدو كانوا أكثر شجاعة وإبداعاً من الملحنين العرب؟!.


abed.salam1941@gmail.com