بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الأول 2023 12:00ص مخرجو الفيلم الواحد يعيشون به ويبقى بعدهم

حجم الخط
دنيا الفن يلعب فيها الحظ دوراً أول، ويجيء الجهد والموهبة في الدرجة الثانية. وكما أن مطرباً يُمضي حياته شهيراً من خلال أغنية واحدة، كذلك مخرجو السينما قد تُقفل الشبكة عليهم بعد فيلم واحد عرف إيرادات جيدة ومواقف نقدية داعمة فعاشت أسرته أمام وخلف الكاميرا في نعيم النجاح طوال الحياة وحقبة طويلة بعد الرحيل.
أبرز هؤلاء وأكثرهم تعبيراً عن هذه الفكرة السيناريست والمخرج المبدع شادي عبد السلام الذي أنجز فيلماً روائياً طويلاً واحداً في حياته بعنوان: المومياء، لكنه اعتبر على الدوام من أهم الأفلام العربية على مدى عمر السينما، كما أن هذا الصيت منع أي شخص من مقاربة أو محاولة التصدّي لإخراج السيناريو الذي تركه شادي قبل وفاته ولم يصوّره بعنوان: إخناتون، حذراً وإحتراماً منعاً من أي قصور قد يطال التنفيذ فتكون النتائج عكسية وكان القرار بنشر السيناريو مطبوعاً في كتاب حفاظاً على مادته كما تركها صاحبها.
مثل صارخ آخر غادرنا منذ أيام عن 80 عاماً هو السيناريست والمخرج منير راضي - شقيق المطربة عفاف راضي - الذي أخرج فقط 3 أفلام روائية طويلة: فيلم هندي، زيارة السيد الرئيس، والثالث صوّره عام 1989: أيام الغضب - نور الشريف، يسرا، إلهام شاهين، نجاح الموجي، وسعيد عبد الغني - الذي كان مفاجأة سينمائية بالغة الإيجابية صفّق لها الجميع، وأجمع النقّاد على إعتباره مع: زوجة رجل مهم، لـ محمد خان من أروع الأعمال الدرامية وأكثرها جماهيرية.
رحل شادي وبقي: المومياء، صورة عنه وله تدلّ على إبداعه. ورحل منير ليبقى أثراً طيباً منه: أيام الغضب، يدلّ عليه، يمثّله، ويحكي سيرته السينمائية المميّزة. وهذا الكلام يسري أيضاً على من قدموا عشرات الأفلام لكن أفلاماً قليلة بعينها بقيت ناطقة بأسمائهم وكأنها ما تبقّى من أرواحهم ينبض بالحياة بل بالخلود إذا جاز التعبير.
ربما كان الحظ لعب الدور الأساسي فعلاً، أو هو المزاج الإبداعي يكون مستنفراً في أوقات معينة أكثر من أوقات أخرى لكن في كل الأحوال قد تجتمع عناصر اللمعان لعمل دون آخر، يستغلّها المبدع ويقودها إلى التألّق فتقوده هي إلى أروع حالات التجلّي وفق أغلب الآراء والمقاييس المهنية.