بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 نيسان 2020 12:00ص «مرسيل خليفة» أحيا العيد الماسي لولادة «محمود درويش»

والذكرى 12 لوفاته في قاعة الفيلهارموني الأضخم في باريس..

«مرسيل خليفة» مع نجله بشار «مرسيل خليفة» مع نجله بشار
حجم الخط
لقاء حميم صادق بين قمتين، لم يمنعه غياب مادي لإحداهما بالموت قبل 12 عاماً، وكان المحتفون المشاركون أكثر من ثلاثة آلاف شخص ضمّتهم أحدث وأضخم قاعة للموسيقى في أوروبا قاعة الفيلهارموني في باريس. إنه اللقاء الأسطوري بين قمة الكلمة، وقمة النغمة، على أساس واحد يعني العرب كل العرب والمناضلين كل المناضلين في مدينة تعني الكثير لكليهما: محمود درويش، ومرسيل خليفة.

«درويش» الذي اعتبر أن ما قام به ندّه في الإبداع خدمة قصوى للقضية وأهلها من نشر الكلمات والعبارات إلى أوسع مدىً شعبي على إمتداد العالم، أو أينما تواجد إنسان حر، و«مرسيل» حامل الشعلة على الدوام تهديه إلى الطريق الصواب، شاهراً صوته وأوتار عوده كرمى كل حبة تراب إغتصبها العدو وأسقطها من حساب الحق والحياة. علاقة متماهية، عميقة، بدأت من الكلمات، من شعر ليس كمثله شعر متداول، وقع في عشقه فنان شكّل حالة مستقلة مبدعة ومتجذرة على مدى سنوات طويلة، لم تكسره الظروف، ولا تراجع عن موقف، أو عدّل طريقاً، بل هو كما إنطلق ما زال يحمل المبادئ نفسها والنزعات إياها، وما برحت أغنيته زهرة تُهدى للثوار لمحبي الحرية والأحبة الصادقين.


قاعة الفيلهارموني في باريس

ما شهدته القاعة العملاقة في باريس فاق الوصف، فعند إسترجاع بعض ما لحنه وغنّاه مرسيل لـ درويش (في البال أغنية، أحن إلى خبز أمي، أحمد العربي، وعود في العاصفة، يا حادي العيس، أجمل الأمهات، إذهب عميقاً وحيفا من هنا، ريتا، جواز السفر، أمر بإسمك، يطير الحمام) نجد أغنية متكاملة الروح، تنضح صدقاً وتتدفق بعبق الأرض، وفيها ومعها تولد آمال عراض بأن النصر مؤكد، وأن كل الشوائب التي نواكبها ليست شيئاً إذا ما قورنت بعزيمة الأحرار، وأطياف الخير والرغبة الصادقة في دحر الكابوس عن الأمة، والتخلص من هذه الغُمّة. والحقيقة أن الكلمة التي توجّه بها الفنان الأكثر نشاطاً وإندفاعاً ونثراً لعطر الثورة في كل وقت وظرف، وكل مكان على وجه البسيطة اختصرت الصورة الراقية لعلاقة الكبيرين على المستويين الإبداعي والإنساني، قال:


محمود درويش.. ملصق

«ما أصعب وطأة القصائد في أول الألحان، وفي أيام عاصفة في الليالي الباردة في مدينة صاخبة، أصطحب العود وأودع شعر درويش لصوتي، وأي عذاب تزرعني قصيدته وأنا ألاطفها من وعود في العاصفة، وحتى يطير الحمام، وجدت في ريتا إمرأة أخرى ترويني، إلى عينيها العسليتين أرسلت غناء وفي دمي عطش من مزيد، وجدت أمي وسخاءها العاطفي، تدثرني بكثير من الرقة، ومن مساء الحنان علمتني كيف أكبر سريعاً، لكن تؤثر أن تراني طفلاً في مناماتها واليقظة، ودللتني بما يفيض عن الحاجة. وجدت في الوطن مداي المغيب، وجدت في جواز السفر وجهاً لإكتشاف ما يكفي من المدن، تعب من ترحال في مدى الروح قطعته من حيث لم أدر وإنني لأتساءل أحياناً نحن نكتب ونغني أم أنه الوطن، نحن نكتب النشيد أم أنه هو الذي يرنمنا».

يضيف «مرسيل» في كلمته «ويخيّل إلينا أننا نأكل ونمشي ونسافر ونفرح في غيبوبة تامة إسمها الوطن، العالم اليوم مهزلة على موعد مع من يكنّس المغنين وريتا، ونستمع للرياح القادمة ونلتقي كلما ضاقت الأرض وعزّ خبز الفقراء، سلام عليك يا أيها الذي لم يعبر القلب إلّا ليقيم خيامه في الشفاف، سلام عليك يا أيها الذي رحل سريعاً إلى تلك الضفاف. لك عطر آذار الجديد ورسائل حب وباقات من أغنيات/ مرسيل خليفة».