بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 كانون الثاني 2019 01:49ص «وهم» لـ كارلوس شاهين على خشبة «مونو»: الحب كذبة ومن يدَّعونه لا بعترفون بالواقع

أبطال المسرحية الأربعة أبطال المسرحية الأربعة
حجم الخط
المخرج والممثل «كارلوس شاهين» يحضر في بيروت مع عمل مسرحي رابع عنوانه: «وهم» يضيفه الى: مجزرة، بستان الكرز، وكيف كان العشا...  يقدمه على مدى أسبوعين، على خشبة مونو بعد أشهر قليلة على تقديم المسرحية في «زقاق».
الحب هو المحور..
والممثلون انقلبوا حكواتية أكثر منهم فاعلين كمؤدّي أدوار تتفاعل فيما بينها أمام جمهور مثقف وبصورة من الصور نخبوي، والنتيجة جاءت لصالح العمل الذي حظي بتصفيق واستحسان لأن شعاره المرفوع: تكاذب في تكاذب، بين من لا يملون من إعلان حبهم على الملأ يمنة ويسرة.
المسرحية لا تحاذر من ردّات الفعل، هي تعلن بكل طاقتها أن الحب كذبة، وهو ليس موجوداً، وتؤكد ذلك روايات ميدانها الخشبة على ألسنة أربعة ممثلين: كارول الحاج، سيرين شامي، جوزيف زيتوني، ووسام فارس، وأولى الحكايات عن زوجين عاشا معاً 52 عاماً، وحين مرض الزوج وإحساسه بقرب نهايته يُصارح زوجته بأنه ما أحبها يوماً وأنه خانها، ويجيء الرد صادقاً أكثر فهي أيضاً تعترف بانها كانت على الدوام تفكر بصديقه، وتتمنى اللحظة التي تراه فيها، لقد أحبت الصديق من كل قلبها.
وهكذا أكثر من علاقة خيانة تحت سقف الحب، ومناظرة في جدوى الحب، وكيفية حصوله، وهل من شروطه توفره عند الطرفين بالقدر نفسه، أم أن إعلانه من طرف واحد يعني وجوده وسطوته ووجوب احترامه. إن أخطر ما في نص الروسي إيفان فيريبايف هو إنكار وجود الحب، إنه الوهم بعينه، وكل الشواهد التي أوردها تصب في هذه الخانة، فكيف يكون حباً رائعاً ومؤكداً، إذا ما عاش رجل وامرأة تحت سقف واحد أكثر من نصف قرن، جسداهما معاً، وروحاهما تحلقان في فضاء آخر غير البيت، ومن أجل آخر ليس الآخر معه في المنزل. أي كذبة كبيرة، فهل يعترف المتزوجون بأنهم كذلك، أم أنها قصص المسرحية فقط من توحي بذلك.
كانوا رواة بامتياز.
الممثلون الأربعة كانوا على قدر واحد من الإجادة والدخول في متن وعمق العرض مع وجود عنوان واحد يحكم أو يتحكم بمفاصل النص، إنه الحب الكاذب، بينما لعبة أو لفتة الخيانة حاضرة عند الجنسين بالمستوى نفسه، يعيش معها أو تعيش معه، بينما الفكر في مكان آخر، ومع رجل أو امرأة أخرى، لا شك أن الكاتب الروسي يطرح جانباً مهماً من حقيقة أن ثنائيات كثيرة تتعايش وتتحمل وتتواصل أعماراً كاملة لمجرد عدم الرغبة في الانفصال، والرهان على الأبناء كبديل وفيّ لمسألة تواصل الرحم.
لا شك أن طرح مثل هذا الموضوع فائق الدقة، يعني أن هناك قناعة بوجود نماذج كثيرة تتعايش مع بعضها البعض ولا تعيش حياة حب حقيقية، ومسألة الكشف عن حقيقة المشاعر في وقت قصير يسبق الرحيل إلى دار أخرى، لا توحي أبداً بوجود نية طيبة عند الطرف الفاعل والراحل، إنه أو إنها يستندان على اعتبار أن الرحيل يطوي موضوع المحاسبة لكل منهما. فما معنى الخيانة على طول الخط والسنوات، وإعلان الحب الأبدي لبعضهما البعض كلما سنحت فرصة للتعبير عمّا يجيش في القلب من شجون.
والمؤكد في السياق، أن الذين يقدرون قيمة وفعل وأهمية هذا الكلام هم المتزوجون فقط، لأنهم يلامسون القضايا مباشرة، ويتعاملون مع الأمور بواقعية، خصوصاً عندما تدخل الحياة مرحلة الرتابة في العلاقة بين الطرفين بعد طول سنين. وهو ما يُؤكّد صحة ما ذهب إليه الكاتب «فيريبايف»، والخيار الذي اعتمده المخرج شاهين في الاضاءة على هذا الموضوع من منطق توضيح حقائق مخبأة خلف جدران واهية نادراً ما يعترف بها أي زوجين في أي مرحلة من عمرهما.
رباعي المسرحية كان في جهوزية تامة لمهمة الحكواتية بشكل محايد تماماً، ففي النهاية انهم شابتان وشابان، أي أن الحياة تعدهما بتكرار الأحداث في المسرحية من خلالهم فرداً فرداً، أما المخرج شاهين فيحسب له أنه فتح قناة للحوار الصادق المباشر والميداني حول الحب في كل وجوهه واستعمالاته في الحياة وقبل الموت... وهم.