«لبنان موحّد خلفهم...قلوبنا معهم...أصوات اللبنانيين هنا وفي المهجر يجب أن تكون لهم وبكثافة...»، عبارات أدرجتها وزارة الثقافة على صفحتها على فايسبوك دعمًا لفرقة «ميّاس» اللبنانية التي شاركت في برنامج America’s Got Talent، وسحرت لجنة الحكم والجمهور الأميركي وأشعلت وسائل التواصل الاجتماعي في لبنان وديار الاغتراب. وكما أوضحت إحدى راقصات الفرقة أنها أرادت مع زميلاتها أن يُظهرن للعالم أن بإمكانهن الوقوف على أقدامهنّ كنساء قويّات، وهو ما يدلّ عليه إسم فرقتهنّ «ميّاس» الذي يعني مشية اللبوءات الفخورة.
«ميّاس» حصلت على الباز الذهبي الذي ضغطت عليه عضو اللجنة النجمة الكولومبية صوفيا فيرغارا، فنقلت الفرقة إلى العرض المباشر من دون المرور في مرحلة اختيار المواهب الناجحة، وتأهّلت إلى المرحلة نصف النهائية، والتي قدمت مجددًا خلالها عرضًا باهرًا ومميزًا دفعها إلى مرحلة النهائيات حيث الأنظار شاخصة ترقّبًا للحفل الأخير في هذا البرنامج. ولعلّ أبلغ تعليق على نجاح الفرقة ما جاء على لسان عضو لجنة الحكم سايمون كاول Simon Cowell الذي قال في نهاية العرض: « لا أعرف السبب، ولكن كل فرد منا في هذه الغرفة سيتذكر هذه اللحظة، لأن هذا العرض لن يغير حياتكم فقط، بل سيغيّر العالم أيضًا».
التألق اللبناني عبر العصور من زمن الأمراء فخر الدين المعني وبشير الشهابي ثم فؤاد شهاب، إلى عظماء الموسيقى الرحابنة وإلى عمالقة الفن من فيروز وصباح إلى وديع الصافي ونصري شمس الدين، والجمال الفاتن مع جورجينا رزق، تحمل شعلته اليوم فرقة «ميّاس» التي ضمّت مواهب لبنانية زرعت الفرحة من قلب القارة الأميركية، وأعادت الأمل إلى النفوس المتألمة في لبنان نتيجة ما حلّ بها بفعل صراعات السياسيين، وتضارب المصالح المحلية والخارجية والكوارث المتتالية التي أدمت قلوبهم ودفعت بهم إلى الجحيم.
وللأمانة، يجب أن نعترف للسياسيين بإبداعهم في تفتيت أوصال الوطن، والتنكيل بشعبه الذي انتفض في 17 تشرين الأول رفضًا للغرق وسط الأمواج المتلاطمة، ولكنّ السياسيين أفهموا المعترضين أن الشارع والساحات التي راهنوا عليها هي مجرد أرقام قابلة للقسمة والنسيان أيضًا، وأن زمن الرقص في الساحات قد ولّى لتبقى رقصة الموت والخراب وحدها السائدة.
حبذا لو فطِنَ السياسيون عندنا لفظاعة أدآئهم ، وليقتدوا بإبداع فرقة «ميّاس» ليستعيد اللبناني تألّقه وقدرته على تجاوز المحن والأزمات، فيستحقّوا إذ ذاك أن يتوحّد لبنان خلفهم أيضًا.