يُرهبني هذا العالم.. تُرهبني صراعاته التي لا تنتهي! آه متى ستعرف هذه الأرض السلام؟ الفقير يحلم بكوخ وبأراجيح لأطفاله وباستبدال عالمه بآخر أكثر إنصافاً، أمّا الثري هو الآخر يحلم باستبدال هذا الكوكب بآخر في المجرات البعيدة، لا ينافسه على ملكيته أحد! حتى تلك التي أغرته ذات زمن على تناول التفاحة! غريب أمر هذا الإنسان وبشعة أنانيته!!
*****
كنت أقول لنفسي: لماذا لا تكفّ قبائلنا عن التناحر وقصف أعمار الأطفال والنساء ومُحاصر البيوت وحرق الغابات، وحجب البدر المنير؟ أما أنا فإني أسير وحدي على حافة الليل، وليس لي سوى الانتظار وقراءة قصيدة عن الصبر والجلوس على عرش الخواء... لحظتئذٍ أغادر جسدي.. أعبر سواد الليل، وقد استهواني المدى وموج البحر حين يلفظ أنفاسه الأخيرة على الرمال، بعد أن أوصل زجاجات رسائل لا يحملها سواه إلى عشّاقٍ أتعبهم الإنتظار وأسراب الأحلام ومرافئ الحنين..
*****
دونما خوف، أسرح في عالم عزلتي.. الكلمات التي تسكن قلبي تصرخ، وهي في هذه اللحظات تحتفل بوجودي بينها.. الكلمات تهمس لي: «لنسرع، الحياة لا تنتظر، إياك أن تلتفت إلى الوراء..» بسرعة أجبتها: «أريد أن أكون حرّاً، ولا أُريد أن يستعبدني أحد حتى أنتِ أيتها الكلمات، كما يهمّني كثيراً أن تعلمي بأني لن أفرّ مرة ثانية، ولن أخاف ولن أرتجف أمام قوتك مثل شجرة أُقتلعت من جذورها، وسمائي ستعيد إليكِ كل ما تريدين ولن تبهريني بعد الآن، فأنسى نفسي وأهيم في عالمك الرحب.. أما زورقي فسوف يرسو على الشاطئ الذي أختاره ولن أتخلّى عن حريتي»..