بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 حزيران 2025 12:10ص مصادر لـ«اللواء»: التفاهم الفلسطيني - اللبناني فرصة يجب تلقّفها من الجانبين وعزام الأحمد يفكّك عقد ملف تسليم السلاح في لبنان

حجم الخط
يشهد الملف الفلسطيني في لبنان تطوراً نوعياً مع دخول موضوع سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات مرحلة التنفيذ، بعد عقود من المراوحة في دائرة الوعود والتفاهمات غير المكتملة. وبحسب معلومات «اللواء»، فإن المسار الفعلي لحل هذه المسألة بدأ يتبلور بجديّة غير مسبوقة، على ضوء تفاهمات لبنانية - فلسطينية انبثقت عن زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، واللقاءات التي تلتها بين القيادات الأمنية والسياسية من الجانبين.
مصادر معنية بالملف الفلسطيني وصفت أجواء الاجتماعات التي عقدت مؤخرا بين مسؤولين لبنانيين وفلسطينيين بالإيجابية، وكشفت لـ«اللواء» أن النقاش تركّز على القضايا الحياتية والاجتماعية التي تهمّ اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما مع وصول عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد إلى لبنان منذ أيام على رأس وفد، للبحث في تنفيذ خطة نزع السلاح من المخيمات الفلسطينية، مشيرة الى ان لقاءات الأحمد تعقد بعيدا عن الإعلام وهي تشمل قادة الفصائل الفلسطينية، وتهدف لتوحيد الموقف والتفاهم على آليات تنفيذية لعملية تسليم السلاح.
المصادر كشفت أيضا عن تواصل بين الأحمد ورئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني السفير رامز دمشقية لتنسيق الجهود المشتركة حول ملف السلاح وآلية التعاون المشترك لتطبيق ما جرى التفاهم عليه سياسيا وأمنيا في لقاءات سابقة.
ووفق المصادر أيضا فقد جرى التأكيد خلال الاجتماع على ضرورة الحفاظ على الاستقرار داخل المخيمات، وتعزيز التنسيق بين المؤسسات اللبنانية والهيئات الفلسطينية الرسمية، بما يسهم في تسهيل عملية تسليم السلاح وتطويق أي محاولات للتشويش أو التخريب.
وتلفت المصادر بان الاجتماع حمل أيضاً بُعدا عمليا، حيث تم الاتفاق على خطوات أولية للتنسيق الميداني بين الأجهزة المعنية، وتفعيل دور لجنة الحوار كحلقة وصل رسمية، ليس فقط لمتابعة تنفيذ خطة نزع السلاح، بل أيضا لمواكبة الأوضاع الحياتية والمعيشية للفلسطينيين، في إطار خطة متكاملة تراعي خصوصية كل مخيم على حدة، وتحترم السيادة اللبنانية.
مؤكدة على جديّة الجانب الفلسطيني الرسمي في تعاطيه حيال المسألة، لا سيما بعد أن قطع الرئيس محمود عباس تعهدا صريحا للمسؤولين اللبنانيين، خلال زيارته الأخيرة، بالمضي قدما في هذا الملف الحساس.
وبحسب المصادر، فان المعطيات حتى الساعة تشير ان الاتفاق على بدء تنفيذ عملية تسليم السلاح في 16 من الشهر الجاري لا يزال ساري المفعول وان الأمور تسير على أساس الخطة الموضوعة، والتي من المقرر أن تبدأ من مخيمات بيروت، ثم تمتد تدريجيا إلى باقي المخيمات في المناطق اللبنانية الأخرى.
وأوضحت المصادر أن هذه الخطة تُنسق على أعلى المستويات بين الأجهزة الأمنية اللبنانية ونظرائها الفلسطينيين، بالتوازي مع الحوار الفلسطيني الداخلي الذي تكثف في الأيام الماضية و الذي تقوده السلطة الفلسطينية مع الفصائل المختلفة، لتسهيل تنفيذ القرار.
وأشارت المصادر بأن منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لا تعارض إطلاقا موضوع سحب السلاح، بل تدعمه بالكامل، أما بعض الفصائل الأخرى المرتبطة بقوى إقليمية، فإن عددها محدود حسب المصادر، وان المؤشرات الحالية تدلُّ على أنها لن تعرقل المسار، خصوصا في ظل الحوار الجاري معها وباعتبار ان الأحمد عازم على حلحلة كل العقد المتعلقة بالملف.
كما شدّدت المصادر على أن الدافع الأساسي للفلسطينيين هو تحسين أوضاعهم المعيشية والحقوقية داخل لبنان، باعتبار ان المطالب التي تطرحها القيادة الفلسطينية تتعلق بحقوق مدنية طبيعية، تسمح لهم بالعيش بكرامة، وهي مطالب لطالما نادت بها لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، التي تعمل منذ سنوات على تطوير العلاقة اللبنانية - الفلسطينية من بوابة الحقوق والتنسيق المؤسساتي. 
ورأت المصادر أن التقدّم في هذا الملف يجب أن يُقابل بخطوات لبنانية عملية، تبدأ بتخفيف الإجراءات الأمنية المفروضة على المخيمات، لا سيما تلك التي باتت تُعتبر لا تشكّل أي خطر أمني على الداخل اللبناني مثل مخيمي ضبية ومار إلياس، حيث لا تُسجَّل أي تهديدات أمنية. فالمعادلة، بحسب المصادر، واضحة فإذا انتفت المخاطر، تصبح الثقة ممكنة، وبالتالي يمكن للدولة اللبنانية أن تخفف الإجراءات المشدّدة، ما ينعكس إيجابا على حياة اللاجئين.
من جهة أخرى، حذّرت المصادر من مغبة تأخير الحل، مشيرة إلى أن الاستمرار في إبقاء الوضع على حاله يُفاقم المعاناة الإنسانية داخل المخيمات، ويُبقي حالة «اللااستقرار» قائمة، ما يُضرّ بالجانبين اللبناني والفلسطيني معا ولذلك، فإن التفاهم الحالي يُعتبر فرصة حقيقية يجب تلقّفها، خصوصا أن الطرفين وللمرة الأولى يبدوان منسجمين في مقاربة هذا الملف من منطلق مصلحي مشترك.
وذكّرت المصادر بأن اللاجئين الفلسطينيين، خلافا لبعض العمالة الأجنبية أو النازحين من جنسيات أخرى، يصرفون كل دخلهم داخل لبنان، وأولادهم يتلقّون التعليم في المدارس اللبنانية، وبالتالي فإن وجودهم له أثر اقتصادي إيجابي داخليا، ويجب التعامل معهم من المنطلق الإنساني والاجتماعي، لا فقط من الزاوية الأمنية. 
وفي المحصلة فانه وبينما تترقّب الأوساط السياسية والأمنية في لبنان ما ستُفضي إليه زيارة عزام الأحمد والوفد الأمني المرافق له، تبدو المؤشرات إيجابية حتى الآن، حيث ان ملف سحب السلاح الفلسطيني وُضع أخيرا على السكة الصحيحة، بعد سنوات من التجميد والمماطلة.
ولكن وعلى الرغم من ان تنفيذ الخطة لا يزال بحاجة إلى خطوات عملية وتعاون مستمر، إلّا أن الرغبة المتبادلة بين الجانبين، إضافة إلى الغطاء السياسي الفلسطيني، وتفهّم الدولة اللبنانية لمطالب اللاجئين، تُشكّل عناصر قوة تُبشّر بإمكانية تحقيق اختراق فعلي في هذا الملف، بما يخدم مصلحة لبنان من جهة، والفلسطينيين المقيمين على أرضه من جهة أخرى.