بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

30 تشرين الثاني 2024 12:10ص من إعلام العدو: بين إتفاق لبنان ومعاهدة أوسلو.. نحن في ورطة!

حجم الخط
مايكل أورن

قبل 31 عاماً، وفي ليلة توقيع اتفاقات أوسلو، نظرتُ من نافذة مكتبي في القدس ورأيت الألعاب النارية تضيء سماء القسم الشرقي من المدينة، بينما كان القسم الغربي مظلماً وهادئاً. عدت إلى منزلي، وقلت لعائلتي: «أعتقد أننا في ورطة».
تذكرت هذه الليلة لحظة إعلان وقف إطلاق النار في لبنان. ومثل الرئيس كلينتون في سنة 1993، كذلك الرئيس بايدن الذي أثنى على الاتفاق، وأعلن قدوم السلام إلى الشرق الأوسط. يومها، احتفل الفلسطينيون مثلما يحتفل اللبنانيون الآن. الآلاف يعودون إلى منازلهم في الجنوب، ومثلما رأيت سكان القدس الغربية في ذلك اليوم من نافذة مكتبي، هذه حال سكان إسرائيل الصامتون والشمال المظلم، ولا أحد من سكان الشمال يسارع إلى العودة إلى منزله.
أفهم تماماً العوامل التي دفعت الحكومة إلى الموافقة على وقف إطلاق النار. جنودنا مُنهكون، وهناك نقص في الذخيرة. الرئيس بايدن الذي يتطلع بشدة إلى إنهاء ولايته بإنجاز دبلوماسي، ضغط على إسرائيل، وهددها بمنع وصول شحنات العتاد العسكري، والسماح بإصدار قرار ضدها في مجلس الأمن في الأمم المتحدة. وأنا أفهم حاجة إسرائيل إلى التركيز على تحرير المخطوفين والمواجهة مع إيران. أنا أفهم هذا كله، لكنني لا أستطيع التوقف عن تذكُّر تلك الليلة في سنة 1993.
نحن في ورطة بصورة مأساوية لأننا، مرة أُخرى، أوكلنا عناصر أجنبية بأمننا الأساسي. إن الجهود التي بذلتها لجان الإشراف على اتفاقات الهدنة، التي شُكلت للرقابة الدولية مع مصر وسورية والأردن في سنة 1949، فشلت تماماً في المحافظة على السلام. وكذلك قوات حفظ السلام في سيناء، وفي لبنان. وفي كل مرة، تخلينا عن الدفاع عن أمننا بأنفسنا، وأوكلنا الآخرين، انتهى الأمر بسفك دماء الإسرائيليين.
وكنا في ورطة في كل مرة انسحبنا من أراضٍ، ووعدنا زعماؤنا بالقول: «لا تقلقوا، إذا أطلقوا النار علينا، فيمكننا أن نعود». هذا ما قاله إيهود باراك في سنة 2000 عندما انسحب الجيش الإسرائيلي من لبنان. وهذا ما قاله شارون في سنة 2005 خلال الانفصال عن غزة. لقد ذكر رئيس الحكومة نتنياهو هاتين السابقتين عندما شرح سبب رفضه الانسحاب من معبر فيلادلفيا، وقال: «إن العالم لن يسمح لنا بالعودة قط». ومع ذلك، مع الانسحاب الجديد من لبنان، تعهد أيضاً: «لا تقلقوا، إذا أطلقوا النار علينا، فسنعود».
ثمة شك في أن عرّابَي الاتفاق، الرئيس بايدن والرئيس الفرنسي ماكرون، سيسمحان لإسرائيل بالعودة بسهولة. ولا شيء يضمن أن دونالد ترامب، الذي وعد بإنهاء الحروب، سيؤيد عودة الحرب من جديد.
أفهم أن بين جموع اللبنانيين العائدين إلى قراهم هناك «مخربو» حزب الله، الذين بدأت إيران بتسليحهم من جديد. وأفهم أن الـ5000 جندي لبناني لا يستطيعون لجمهم. وأفهم أنه لم يكن أمام إسرائيل خيارات كثيرة، ومع ذلك، آمل بأن يتحول وقف إطلاق النار إلى وقف دائم. لكنني مدرك أن الأرضية قد أُعدّت للحرب المقبلة.
قبل 24 عاماً، وبعد رفض ياسر عرفات اقتراح كلينتون وباراك المتعلق بالدولة الفلسطينية، يومها، نظرتُ من نافذتي، ورأيت الألعاب النارية في سماء القدس الشرقية. وقلت لعائلتي: «أعتقد أننا في ورطة»، وكانت الورطة الانتفاضة الثانية. اليوم، وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، علينا أن نكون مستعدين لمواجهة الورطات مرة أُخرى. 
المصدر: يديعوت أحرونوت

اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية