بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

6 حزيران 2025 12:15ص من إعلام العدو: مفاوضات النووي: تصعيد خامنئي مع حرص على المسار الديبلوماسي

حجم الخط
تسفي برئيل

«مَن أنتم لتقولوا لإيران إذا كان يمكنها امتلاك برنامج نووي، أم لا؟» صرخ المرشد الأعلى الإيراني علي الخامنئي أمس في مراسم إحياء الذكرى السادسة والثلاثين لوفاة آية الله الخميني.
وقال: «حتى لو امتلكنا مئة مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء، من دون إمكان تخصيب اليورانيوم، فلن يكون لها أي فائدة بالنسبة إلينا،» موضحاً أن «هذا يعني أننا سنضطر إلى مدّ يدنا إلى أميركا.» وأضاف مشدداً على الموقف الأيديولوجي الرافض للمقترح الأميركي: أن هذا المقترح «يعارض بنسبة مئة في المئة المبدأ الذي نؤمن به، وهو: نحن نستطيع».
«نحن نستطيع»، هو شعار أطلقه الخميني، ويعكس فلسفة كاملة تعتمد عليها استقلالية إيران.
وفقاً لهذه الفلسفة، يجب على إيران تطوير قدراتها الذاتية بنفسها كي لا تعتمد على الآخرين.
فُسّرت تصريحات الخامنئي بأنها رفضٌ قاطع للمقترح الأميركي، أو على الأقل، طريقة فهم المقترح، والتي يريد أن يفهمها العالم. 
لكن التفسير الدقيق لتصريحاته ضروري، وخصوصاً أن الخامنئي كثيراً ما تراجع عن تصريحات بدت في البداية كأنها أوامر نهائية لا يمكن نقضها، ثم تبيّن لاحقاً أن «الصخور نفسها قد تكون مرنة كالـمطاط». ففي الصيف الماضي، قال إن «لا ضرر من التفاوض مع الغرب،» وبعد فترة قصيرة، صرّح بأن «التفاوض مع الأميركيين لا ينطوي على أيّ كرامة، أو حكمة،» ومع ذلك، سمح بإجراء مفاوضات أُنجز فيها خمس جولات حتى الآن. وحتى في خطابه الأخير، لم يستبعد استمرار العملية الدبلوماسية.
لدى التمعن أكثر في أقواله، نلاحظ أنه لم يحدد نسبة تخصيب اليورانيوم التي تُرضي إيران. هل النسبة 3.67% التي سُمح بها في الاتفاق النووي الأصلي كافية له؟ أم أن إيران تصرّ على تخصيب غير محدود؟
أجاب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن هذا السؤال في وقت سابق، قائلاً إن إيران ستكون مستعدة للعودة إلى نسبة التخصيب المتفق عليها، بشرط رفع جميع العقوبات. ومع ذلك، ترك الخامنئي هذه المسألة الحساسة مفتوحة، وهي مرشحة لأن تكون محور الجولة السادسة من المفاوضات بين الوفدين الأميركي والإيراني، وخصوصاً فيما يتعلق بمصدر اليورانيوم المخصّب الذي تحتاج إليه إيران.
ويبدو كأن حل هذه الإشكالية لا يتعلق فقط بالجوانب التقنية، أو بالنسبة المتفق عليها، بل يجب أن يتماشى مع المبدأ الأيديولوجي الذي يُقدّس الاستقلال الذاتي الإيراني، ويُجيب عن الشعار الخميني «نحن نستطيع».
إن تفاصيل المقترح الأميركي غير معروفة بالكامل، كما أن تصريح الخامنئي لا يُعدّ رداً رسمياً من إيران على المقترح. وفي المقابل، تدل التقارير التي تفيد بأن المقترح يشمل مشاركة إيران في كونسورتيوم إقليمي لتخصيب اليورانيوم، على أن الإدارة الأميركية تدرك الحاجة إلى إرضاء المتطلبات الأيديولوجية الإيرانية، وتُبدي استعداداً للتقارب.
هذا المشروع ناقشته السعودية والإمارات مع إيران التي أبدت استعداداً مبدئياً للمشاركة، «لكن كونسورتيوم كهذا لا يمكن أن يحلّ مكان التخصيب داخل الأراضي الإيرانية،» حسبما صرّح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، يوم الاثنين. نظرياً، يمكن التوصل إلى حلّ عبر إعلان موقع التخصيب داخل إيران، كمنطقة «إكس - تريتوريا» (خارج السيادة)، تعمل تحت إشراف دولي يتم التوافق عليه، وهو ما قد يلبّي مطلب ترامب بشأن عدم التخصيب داخل إيران، ومطالب إيران بإجراء التخصيب على أرضها. ويمكن أيضاً تقسيم عملية التخصيب، بحيث يتم جزء منها داخل إيران والجزء الآخر في الخارج.

ليس التخصيب وحده هو المشكلة

إن التركيز على إيجاد موقع للتخصيب لا يعني أن بقية القضايا حُلّت. فلا يزال هناك مسائل عالقة، مثل التخلص من مخزون اليورانيوم المخصّب الذي أنتجته إيران منذ سنة 2019؛ ترتيبات الرقابة، بعد أن طردت إيران بعض مفتشي الوكالة الدولية؛ عدم تسليم تسجيلات الكاميرات؛ المواقع غير المعلنة التي عُثر فيها على آثار تخصيب؛ مستقبل أجهزة الطرد المركزي التي تتجاوز الحد المسموح به في الاتفاق الأصلي؛ وأيضاً مدة الاتفاق الجديد وصلاحيته.
ثمة أمر آخر مهم، لقد أعلنت إيران أنها مستعدة للعودة إلى التزاماتها في الاتفاق الأصلي، إذا رُفعت كلّ العقوبات، لكن هذه الموافقة قد لا تكون كافية للرئيس ترامب الذي يريد الإثبات أن الاتفاق «الخاص به» أفضل من اتفاق أوباما. وبالتالي، فإن أي اتفاق مستقبلي سيحتاج إلى تحقيق «نصر رمزي» للطرفين - إيران وترامب. في الوقت ذاته، الجدول الزمني يضغط، ليس فقط بسبب التهديدات العلنية بالحرب التي يحاول ترامب تفاديها في ظل ضغط قوي من دول الخليج، وخصوصاً السعودية، بل أيضاً لأن الدول الأوروبية التي وقّعت الاتفاق النووي تطالب بأن تكون جزءاً من أي اتفاق جديد، وتهدد بتفعيل «بند سناب - باك» الموجود في الاتفاق الأصلي. هذا البند يتيح لأي دولة موقّعة للاتفاق أن تطلب من مجلس الأمن إعادة فرض جميع العقوبات الدولية، إذا ثبُت أن إيران انتهكت الاتفاق جوهرياً. والموعد النهائي لتفعيل هذا البند هو 18 تشرين الأول/أكتوبر القادم، أي بعد أربعة أشهر فقط، لكن الأمر يتطلب إشعاراً مسبقاً بـ 90 يوماً – أي أن المهلة تبدأ في الشهر المقبل.
يجب التذكير بأن ترامب نفسه طلب في السابق تفعيل هذا البند، بعد انسحاب أميركا من الاتفاق في سنة 2018، لكن الدول الأوروبية رفضت طلبه، بحجة أن أميركا لم تعد طرفاً في الاتفاق، وبالتالي لا يحق لها المطالبة بذلك. الآن، يُمثل هذا البند تهديداً محتملاً لتنفيذ أي اتفاق جديد قد يوقّعه ترامب مع إيران.

المصدر: هآرتس
اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية