بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الأول 2024 12:01ص بين لبنان وغزة: نداء عاجل لإنقاذ ما تبقّى من الإنسانية

حجم الخط
في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بقضاياه السياسية والاقتصادية، يعيش الشعب اللبناني والفلسطيني في غزة أوضاعاً إنسانية كارثية تتفاقم يوماً بعد يوم. لبنان، الذي كان يُعرف ببلد الأرز وسويسرا الشرق، يواجه اليوم ظروفاً قاسية تشبه تلك التي يعانيها سكان غزة، حيث المنازل مدمرة، الشوارع خاوية، والمستشفيات عاجزة عن تقديم الرعاية اللازمة. كل ذلك يحدث في ظل غياب تام للمجتمع الدولي وصمت منظومة حقوق الإنسان.
لبنان اليوم لا يعيش على حافة الانهيار فحسب، بل في وسطه، إذ تتزايد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتتفاقم النزاعات السياسية. تفجير مرفأ بيروت، انهيار النظام المصرفي، العجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، والانقلاب على الدستور وهشاشة الدولة اللبنانية، غير قادرة على تقديم أدنى متطلبات الحياة لشعبها. وقد أصبحت الأسر اللبنانية التي كانت تعيش في منازلها الآمنة تجد نفسها الآن نائمة في الشوارع أو السيارات، بعدما فقدت كل شيء بسبب الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة. المدارس مغلقة، والأطفال محرومون من التعليم، مع تزامن الشعارات النظرية «التعليم حق للجميع» بينما يعاني الناس من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء والكهرباء، حتى الفُرش للنوم أصبحت نادرة.
هذا هو حال لبنان، وهو يشابه إلى حد كبير حال غزة، التي تواجه القصف الإسرائيلي المتواصل الذي يستهدف المدنيين والمناطق السكنية بلا رحمة. نتيجة لذلك، تشرّدت آلاف العائلات اللبنانية وأصبحت دون مأوى. العدوان لا يعرف حدوداً ولا يفرّق بين طفل وشخص مُسن، وهو مستمر دون أي تحرّك جاد من المجتمع الدولي لوقف هذه المجازر. المدارس والمستشفيات والمنازل كلها أصبحت أهدافاً مشروعة لضربات لا ترحم من قبل العدو الإسرائيلي. في ظل هذه الظروف، نواجه غياباً صارخاً لصوت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية، مما يدعونا للتساؤل: أين هو الضمير العالمي؟ كيف يمكن أن تستمر هذه الانتهاكات دون حسيب أو رقيب؟ لماذا لم نشهد حتى الآن دعوة جادّة من مجلس الأمن الدولي للتدخّل الفوري لوقف هذه المجازر؟ هل فَقدَ العالم اهتمامه بمعاناة الشعوب التي تعيش تحت وطأة القصف والحصار؟ بينما يتغنّى المجتمع الدولي بخطط التنمية المستدامة التي من المفترض أن تقضي على الفقر، نجد أن الشعوب الفقيرة تُباد في صمت ويقضى عليها. إن الشعبين اللبناني والفلسطيني بحاجة ماسّة إلى تحرّك عاجل لإنقاذ حياتهم وإنهاء معاناتهم.
لذا، نطالب مجلس الأمن الدولي بعقد جلسات طارئة للتدخّل الفوري لوقف هذه الانتهاكات بحق الشعبين اللبناني والفلسطيني. كما ندعو جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية، إلى عقد جلسات مفتوحة للبحث في إيجاد حل شامل للأزمة. هذه المؤسسات الدولية والإقليمية يجب أن تتحمّل مسؤولياتها الإنسانية والسياسية تجاه الشعوب المظلومة. لا يمكن أن تستمر هذه المجازر دون محاسبة المسؤولين عنها، ولا يمكن للعالم أن يقف متفرجاً. أما على الصعيد الداخلي، نطالب البرلمان اللبناني والحكومة اللبنانية المستقيلة بالدعوة إلى جلسات طارئة ومفتوحة لمناقشة سبل الخروج من الأزمات المتفاقمة كوننا في حالة طوارئ. إن معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أصبح أمراً لا يحتمل التأجيل. الشعب اللبناني بحاجة إلى قيادة مسؤولة تنقذه من الفقر والجوع والانتهاكات، دولة قادرة على أخذ القرارات وتعيد للشعب الأمل في حياة كريمة.
المطلوب اليوم ليس فقط وقف العدوان ورفع الحصار، بل أيضاً تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للشعبين في لبنان. يحتاج الناس هناك إلى مأوى، غذاء، وأدوية بصورة فورية. العائلات اللبنانية والفلسطينية تعيش في العراء، في الشوارع أو في سياراتها، في ظل غياب تام للأمان والكرامة الإنسانية. المستشفيات عاجزة عن تقديم الرعاية بسبب نقص الأدوية والمعدات الطبية، والمدارس مغلقة في وجه الأطفال الذين يطمحون لمستقبل أفضل. لا يمكن للعالم أن يتفرج بينما يُباد الشعب اللبناني والفلسطيني تحت أعيننا. هذه ليست أزمة سياسية فحسب، بل هي أزمة إنسانية من الدرجة الأولى. إذا لم يتحرك العالم الآن، فمتى سيتحرك؟ أين هي الإنسانية التي ندّعيها في هذا العصر الحديث؟ نناشد كل من يمتلك القدرة على إحداث التغيير، سواء كان ذلك في المؤسسات الدولية أو دول من مبدأ مسؤولية دعم الدول القادرة للدول الفقيرة والحكومات الوطنية، أن تتحرك فورًا لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة وإنقاذ أرواح الأبرياء. الشعبان في لبنان وغزة لا يطلبان سوى حقهما في الحياة الكريمة، حقهما في الأمان، وحقهما في أن يُسمع صوت معاناتهما. الآن، وأكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى تحرّك دولي عاجل لإنقاذ ما تبقّى من الإنسانية في هذا العالم. دعونا لا ننفق المليارات على الأسلحة التي تُقتل بها الشعوب، بل تُنفق على التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والحروب، قبل أن نفقد ما تبقّى من الأمل في أن هناك من يستمع ويهتم بمعاناة الشعوب المحاصرة والمنسية.