عدد لا يستهان به من المهرجانات السينمائية العربية ألغى دورة جديدة له تضامناً مع غزة التي تتعرض لحرب إبادة إسرائيلية منظمة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولأن أحداً لم يتوقع لهذه الحرب أن تطول لتبلغ بعد أسبوع من اليوم عامها الأول من دون أفق لما ستؤول إليه وما هي المدة المتبقية لحسمها، فقد عثرت إدارات عدد من المهرجانات على مبرر - أو حل لمسألة إقامة هذا المهرجان أو ذاك من دون الشعور بأي إحراج.
ولأن هذه الطريقة كان يمكن إعتمادها أصلاً ولم تفعل، فإنها جاءت متأخّرة لكن الوقت لم يفت بعد فالحرب ما زالت قائمة بل هي مهدّدة بالتوسّع إلى حرب إقليمية وربما عالمية، لقد أضاف القيّمون على المهرجانات تظاهرات رديفة تعرض أشرطة عن القضية العربية عموماً وعن غزة خصوصاً التي ظهر أكثر من شريط يتحدث عنها وصوّرت مشاهده فيها، فالمعاناة موجودة من زمان وعرض الأفلام وفق أي صيغة مفيد في إبقاء القضية حيّة وفاعلة.
ومن أقرب الأمثلة مهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط الذي سينطلق غداً في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر ويتضمن تظاهرة خاصة تعرض بشكل موازٍ لعروض المهرجان 9 أفلام عن غزة، فيما لا يغيب عن البال المبادرة النوعية التي أطلقها المخرج الغزّي رشيد مشهراوي بجمع 22 فيلماً قصيراً لمخرجين محليين من الشباب في شريط واحد بعنوان: المسافة صفر.
كان أفضل وأكثر إفادة لدعم أهل غزة في مواجهتهم لحرب الإبادة الإسرائيلية أن لا تُلغى التظاهرات السينمائية دعماً وتضامناً مع أوجاع القطاع المنكوب، بل كان أجدى من البداية أن تُقام وتتولّى عرض أهم النتاجات التي تحكي سيرة أصحاب الأرض وحقّهم في الدفاع عنها حتى استردادها من المغتصب الصهيوني. وبعد كل التأييد الجماهيري الغربي للقضية الكبرى يأتي خبر إختيار فيلم: المسافة صفر، للتباري في مسابقة أوسكار أفضل فيلم عالمي غير ناطق بالإنكليزية، وهذا يعني وجود منبر جديد عالمي تطلّ منه غزة تتحدث عن نفسها أمام العالم.
نعم أخطأت المهرجانات العربية في إلغاء دوراتها السابقة دعماً لأن القضية المحقّة كانت تحتاج لكل منبر في أي مكان لعرض جوانب منها وحشد التأييد لها وإدانة المحتل الذي يوسّع في دائرة إجرامه دون رادع.