بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 أيار 2023 05:32م المجلس النيابي.. ودولة الفشل والخواء

حجم الخط
يصادف هذا الاسبوع الذكرى السنوية الاولى لانتخاب المجلس النيابي الجديد، وفي مقدمة انجازاته عدم تشكيل حكومة وعدم انتخاب رئيس جمهورية وتعميم مظاهر الخفة والخواء السياسي والتماهي مع السياسات الكبرى الاقليمية والدولية، وخصوصا بعد تشكيل اللجنة الخماسية من امريكا وفرنسا ومصر والسعودية وقطر بالاضافة الى الفاتيكان وطهران لمتابعة الانتخابات الرئاسية، مما جعل النواب يشعرون بانهم اصبحوا اكبر من لبنان واللبنانيين واصبحت تحركاتهم واجتماعاتهم تتم بالخفاء لان مستقبل النظام العالمي الجديد ينتظر انتخابهم رئيس جمهورية لبنان.

الكتل النيابية في حالة من الغيبوبة وتوهم المعارضة والموالاة واهمية تحديد مواقفها من القمة العربية في جدة وقمة الدول الصناعية السبع في هيروشيما، ناهيك عن الحديث التفصيلي عن مواصفات رئيس الجمهورية اللبنانية الفاشلة والمفككة، بالاضافة الى الغوغائية التشريعية في الإصلاحات الاقتصادية والمالية والاعتداد بالقضاء الفرنسي الذي يستدعي كبار موظفي دولة الفشل اللبنانية.

عام مضى على انتخاب المجلس النيابي الجديد ولبنان بدون حكومة وبدون رئيس وبدون موازنة عامة وبدون قضاء وبدون ودائع وبدون رواتب وبدون تعليم وبدون استشفاء وبدون سيادة وبدون ماء وبدون كهرباء، والسادة النواب منشغلين في ابتداع العناوين الخلاقة للتكتلات النيابية، في حين ان شابات وشباب لبنان يبحثون عن فرصة للهجرة النهائية من مستوطنات لبنان الطائفية المذهبية، و يحلمون في العيش بعيدا عن حماقات المكونات السلطوية وعصاباتها التي استباحت القوانين والدساتير والاعراف وجعلت من لبنان ساحة سفاح واغتصاب سياسي من الاشقاء والاصدقاء والاعداء على حد سواء.

احترف النواب في لبنان التمثيل على الناس بدل تمثيل اوجاعهم وطموحاتهم، مما جعل من النظام البرلماني اللبناني النموذج الامثل لصناعة الاوهام السياسية والديموقراطية والسيادية وأكذوبة فصل السلطات، واصبح مبنى المجلس النيابي مسكونا بالاشباح والخواء في الداخل ومن كل الجهات بعد ان كان حتى ١٤ شباط ٢٠٠٥ نقطة الحياة والامل والرجاء قبل وقوع ذلك الانفجار الذي دمر قصة النجاح الوحيدة في دولة الغوغاء و الشطارات والمكابرة ومغايرة الحقائق والتمادي في صناعة الاحقاد وتفريغ لبنان من طاقاته الانتاجية الواعدة ومن اجياله الصاعدة والعيش بالماضي على حساب المستقبل بكل وقاحة وادعاء.

ان قبول النواب بعد عام على انتخابهم بهذه المهزلة المأساة انما هو دليل على اصالة انتمائهم الى دولة الفشل ومجتمعات النزاع، مما يجعلنا نجزم بعدمية التغيير عبر الانتخابات النيابية بقوانينها المتعددة والمتنوعة والتي تؤدي دائما الى ذات النتيجة، مما يعني ان المشكلة ليست بالقوانين بل في المجتمع السياسي اللبناني الغارق بالعنف الطائفي والمذهبي، حيث من يكره اكثر يحصل على عدد نواب اكبر ومن يرفض الانصهار في الدولة المدنية يتحكم بالرئاسات والوزرات والادارات.

المجلس النيابي المنتخب قبل عام لم ينجح بتشكيل حكومة جديدة ولم ينجح بانتخاب رئيس جديد للبلاد وهناك من يريد اجراء انتخابات بلدية من اجل التمتع في العبث بمشاعر الناس وتفكيك وحدتهم وألفتهم والتفافهم حول مصير ودائعهم الضائعة ومدارسهم المقفلة ومستشفياتهم المتعثرة والكهرباء المقطوعة والمياه الممنوعة، غريب امر هؤلاء النواب كيف يستطيعون النظر في عيون الناس بعد كل هذا الفشل والخواء واهمال ابسط الضرورات، المجلس النيابي الجديد خير من يمثل دولة الفشل والخواء وتصريف الاعمال في لبنان.