ظن أولئك المسؤولين في بلادي ان الشعب اقتنع بحرصهم على مصالحه، عندما ضربوا على الطاولة وقالوا لن نسمح لاصحاب المولدات ان يحرموا الناس من الكهرباء مدة ساعتين، وحركوا القضاء لمحاسبة هؤلاء، هذا المشهد على الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي لم يكن موفقاً في الاخراج السياسي والتعبئة الشعبية،بل انه اخراج سيئ، اقله عند البعض الذين يفقهون اللعبة السياسية في بلد كلبنان.
فهل انتبه هذا المسؤول او ذاك انهم يحاسبون القطاع الخاص على تأمين الكهرباء للناس وإن بكلفة عالية نسبياً ؟مقابل تغاضيهم عمن يغرق البلاد بالعتمة منذ انتهاء الحرب الاهلية برغم المليارات من الديون لتأمين كهرباء لا تصل للمواطن الا نادراً! فالاحرى بهؤلاء، بدل ضرب اليد على الطاولة والتحذير بـ«السبابة» لاصحاب المولدات ،ان يحاسبوا شركاء هؤلاء في «لعبة» الكهرباء،وان يعكفوا على ايجاد حلول لمعضلة الكهرباء ومحاسبة من تعاقب على ادارة هذا الملف طيلة السنوات الماضية.
لا يمكن لمن اتخذ على عاتقه مسؤولية خدمة الشعب ان يحاسب الشعب بل على الشعب ان يحاسبه على تقصيره، فالقانون الذي يستخدمونه وضع لمحاسبة الجميع والمسؤول قبل عامة الشعب ، ولذلك فان رفع الحصانة عن كل الفاسدين المتسترين بعباءة الاحزاب والطوائف ، بات هو الطريق نحو اعادة الثقة بهذا البلد من شعبه ومن شعوب العالم ، ومن لم يتعظ فلن يفيده لا «سيدر» ولا غيره من المؤتمرات الداعمة ، الحل يبدأ بالمحاسبة فعلاً وتنظيف البيت من الداخل قبل الخارج لأن «دود الخل منو وفي».