بيروت - لبنان

اخر الأخبار

آخر الأخبار

28 نيسان 2021 10:31م فاعل خير

حجم الخط
على مائدة إفطار من خير الله قبل خير العِباد.. حَوَتْ ما لذَّ وطاب من أشكال وألوان الأطباق.. كانت الأحاديث تتوالى ومن بينها حديث العيون.. ولكن إذ بعينيها تحاولان الهرب من عيون الآخرين لأنّ ما فيهما من دمع بدأ يترقرق..

فسئلت عمّا حلَّ بها.. وما بال هذه الدموع تتدحرج على وجنتيها.. فأجابت والصوت مخنوق والقلب مكلوم: نحن نفطر حول مائدة عرمرمية.. و»فلانة» تفطر وابنها معكرونة مسلوقة بالماء والملح.. وعدّة أكواب من الماء لتمتلئ البطن ويكتمل الشبع..

كلماتها نزلت كانهيار جليدي على مسمعه.. فصاح وكأنّ الصبر نفذ وسهم الأزمات أزف.. وأوان الحساب قد حان.. فدعاها إلى ترك إفطارها ومرافقته إلى حيث تسكن «فلانة».. حاملاً معه ما تيسّر من مأكل ومشرب وزاد.. ناهيك عمّا مكّنه رب العالمين من نقود.. وعلى الطريق اشترى بعضاً من الحلويات.. حتى بلغا منزلها فوضع الحاجيات على الباب وعاد أدراجه ناحية السيارة.. ليتركها عند الباب تقرعه وتسلم الأغراض إلى صديقتها.. التي بكت من حرقة القلب والفقر والعوز.. شاكرة ومتشكّرة وسائلة عمّن ساعدها.. فكان الجواب: «فاعل خير.. رزق من الله وصل إليكِ عبر عبد من عباده الخيّرين»..

عادا إلى المنزل وصورة الوجع التي رأها بعينيه عن بُعد.. ولوعة الفقر ووجع الأسى والحاجة.. أبشع من أنْ يطيقها مخلوق في هذا الزمان.. ولكن مَنْ يقطنون في القصور ويتربعون على العروش.. وينفخون الكروش ويُفرغون العقول.. أبداً لن يشعروا بوجع الناس مفترشي الأرض ومتلحّفي بالسماء.. ووعدها أن تتكرّر المساعدة ولكن سرّاً بسر.. دون حتى أن يعرف ضوء النهار ما تفعله عتمة الليل..