بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 أيلول 2017 12:31ص إلى من يفهم الإعتدال.. ضعفاً!

حجم الخط
الحركة الاحتجاجية الواسعة التي نادت بعطلة يوم الجمعة بدل يوم السبت، لم تكن وليدة ساعتها، ولا تُحسب وكأنها مجرّد ردّة فعل على قرار غير عادل.
لم يعد سراً أن شريحة كبيرة من المواطنين، هي بالتحديد من أهل السنة والجماعة، تعاني من حالة تململ وإحباط ، نتيجة شعور عام بالاستهداف والاستضعاف، بسبب ما يجري في مواقع عدّة، سواء في التعيينات الإدارية، أو الملاحقات الأمنية، وحتى بعض المحاكمات القضائية.
إن طرحنا لهذه المسألة في إطار من المصارحة والمناصحة، لا يرمي إلى التحريض ومزيد من التصعيد، بقدر ما يهدف إلى التنبيه وتسريع التطويق، حتى تبقى الأمور تحت السيطرة من جهة، ولقطع الطريق على المصطادين في المياه العكرة، سياسياً ووطنياً، من جهة ثانية وثالثة ورابعة.
منذ أيام رياض الصلح وصائب سلام إلى مرحلة رفيق الحريري، وما جرى بين المرحلتين من فتن وحروب وأزمات، أثبت أهل السنة والجماعة أنهم من أهل الاعتدال، الذي يمثله الرئيس سعد الحريري، ومتمسكون بالوسطية التي رفع شعارها الرئيس نجيب ميقاتي باكراً، وهم دائماً من أنصار الحوار والانفتاح والوفاق، حتى في أحرج الأوقات، على نحو ما أثبت الرئيسان فؤاد السنيورة وتمّام سلام في أزمتي الشغور الرئاسي الأولى عام 2007، والثانية عام 2014 وحتى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً.
ولعل الجانب الأساسي من المشكلة يكمن في تعامل بعض الشركاء في الوطن مع هذا الاعتدال، وكأنه ضعف يفسح المجال لتحقيق بعض المكاسب السياسية والإدارية، على حساب أكبر طائفة في البلد.
وإلا كيف نفسّر «الهجمة» على مراكز كتّاب العدل في بيروت مثلاً، التي اقتصرت حصة أبنائها على اثنين فقط من أصل 44 مركزاً؟
وكيف نبرّر هذا الخلل المتمادي في عدد من المراكز في وزارة العدل، بعد حملة التعيينات التي أبعدت الموظفين السنة لمصلحة موظفين من طوائف أخرى، وكان آخرها استبدال قاض بقاضية في المحكمة العسكرية؟
وماذا نقول عن أوضاع السجناء المُسمّين زوراً «إسلاميين» الذين لا يُحاكَمون، ولا تصدر الأحكام اللازمة بحق المدانين والمذنبين منهم، ولا يتم إطلاق العشرات، بل المئات، الذين اعتقلوا بتهمة الشبهة، وأخضع الكثير منهم لتحقيقات قاسية اضطرتهم لتدبيج أقاويل واعترافات لا تمت للحقيقة والواقع، أحياناً كثيرة.
وإلى متى تستمر محاولات إلصاق تهمة الإرهاب بهذه الطائفة، فيما أثبتت الأحداث أن لا بيئة حاضنة في مناطقها، للإرهابيين، بل إن زعيمها الكبير رفيق الحريري اغتيل غدراً في عملية إرهابية موصوفة، تبعتها عمليات اغتيال وتفجير لنخبة من الرجالات التي مشت على درب الرئيس الشهيد.
بل وماذا يبقى من الاعتدال في ظل هذا الخطاب الشعبوي والتحريضي الذي نسمعه كل يوم، ممن يُفترض بهم أن يكونوا في طليعة المسهّلين لانطلاقة العهد ونجاحه، والحرص على إفساح المجال أمام الحكومة لتحقيق بعض الإنجازات الملحة.
لقد قرّر الرئيس سعد الحريري أن يتمسك بنهج الاعتدال، ويواجه الممارسات الشاذة بصدره، مستعيداً تجربة أسلافه من رجالات الوطن، أمثال صائب سلام ورشيد كرامي وسليم الحص، الذين رفضوا أساليب الحرب والاقتتال، وحافظوا على منطق الاعتدال والتلاقي والحوار والوفاق، الذي انتصر في النهاية، ولكن بعد تكبّد الوطن أكثر من ربع مليون بين قتيل وجريح، ومُقعد، وخسائر باهظة من الخراب والدمار!
فهل نحن بحاجة إلى تجربة سوداء جديدة، «ليتبين الرشد من الغيّ»، لبعض الشركاء في الوطن، ويقلعوا عن سياسة الاستقواء وقضم حقوق طرف أساسي في صيغة الشراكة الوطنية؟
مرّة أخرى..
عطلة يوم الجمعة ليست رمانة... بل قلوب مليانة!