بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 تموز 2022 08:15م اغتيال الجيش والامن آخر قصص النجاح في لبنان

حجم الخط
تحمل لبنان على مدى عشرات السنوات تبعات صناعات الفشل المحلية والاقليمية والدولية من احتلالات ونكبات وثورات وانقلابات وفساد وسرقات وحروب ساخنة وباردة وحروب اهلية ونزاعات طائفية ومذهبية وولاءات خارجية حولت لبنان الى مكب نفايات الفشل المتراكم في المنطقة، حيث احترف الكثيرون عمليات فرز وتحويل نفايات الفشل الاقليمي والدولي وجعلها حرفة وطنية شائعة ومتوارثة، شكلت صناعة الفشل موارد مالية كبيرة ساهمت في خلق تجمعات سياسية عقائدية وطائفية ومدنية وارساليات دينية منذ منتصف القرن التاسع عشر وصولا الى تجليات الفشل في القرن الواحد والعشرين مع احداث نيوريوك ٢٠٠١ و احتلال افغانستان والعراق الى اغتيالات ٢٠٠٥ الى استراتيجيات الفوضى الخلاقة وربيع الفشل العربي ٢٠١١ وتحويل لبنان الى سوق دولية حرة لصناعات الفشل الاقليمية والدولية من حروب ونزاعات ولجوء ونزوح ومليشيات واحتلالات .
منظمة الامم المتحدة فشلت في تثبيت الامن والسلم الدوليين وفشلت في ردع اسرائيل عن تجاوز ميثاق الامم المتحدة والقرارات الدولية وارتكاب المجازر واحتلال اراض الغير بالقوة والعبث بسكينة ووحدة واستقرار شعوب بلاد الشام، وبذلك اصبحت الامم المتحدة احدى ادوات الترويج لفشل السياسة الخارجية للدول العظمى عبر منظمات الامم المتحدة ومتفرعاتها الامنية والانمائية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، واستطاعت صناعة الفشل الاقليمي والدولي ايضا ان تستوعب شخصيات وطنية عبر رصد الموازنات الكبرى من اجل توظيف النخب الاعلامية والاكاديمية والفكرية والثقافية والسياسية وتعزيز انخراطهم في تسويق صناعات الفشل الاقليمية والدولية، بحيث تصبح المجتمعات الوطنية تحت سيطرة نخب محلية تعمل على تغييب الحقائق والأولويات الوطنية وابتكار القضايا الخلافية واستقطاب اللبنانيين للتموضع في النزاعات الإقليمية والدولية بشعارات وطنية وطائفية والانخراط بسياسات الفشل الدموية التدميرية وتقويض اسباب نجاح تجربة الوحدة الوطنية اللبنانية .
صناعة الفشل في لبنان هي مصدر قوة بالنسبة للعديد من الافراد والتجمعات وقد ثبت بشكل قاطع ان الاغتيالات السياسية في لبنان منذ الاستقلال حتى الان لا تستهدف سوى قصص النجاح الوطنية، بحيث اصبحت معايير السياسة في لبنان تقوم على قاعدة ان السياسي الناجح مصيره الاغتيال الشخصي و السياسي، والسياسي الفاشل يستحق الحماية والتنعم بالسلطة، واغتيالات ٢٠٠٥ اريد منها إرتطام وتصدع كل قصص النجاح المتراكمة والمتعددة والمتنوعة آنذاك من استقرار وازدهار اقتصادي واعادة اعمار وانصهار مجتمعي في الدولة الوطنية واستقطاب الاستثمارات وتحرير الارض من الاحتلال وتجديد النخب السياسية والاعلامية والفكرية و انتظام الحياة السياسية الديموقراطية .
نجحت اغتيالات ٢٠٠٥ في اعادة انتاج ادوات مجتمع صناعة الفشل اللبناني بعد اغتيال قصص النجاح وتصادمها ببعضها البعض، وهذا الافتراض يستحق التأمل والتعمق بعد شيوع صناعة الفشل بين عامي ٢٠٠٥ و ٢٠٢٢ من فشل السلطات الرئاسية والبرلمانية والحكومية والاجتماعية والاقتصادية وهروب الاستثمارات وتعطيل الاسواق والانتهاكات الامنية والحربية وتعاظم مظهر الفشل الوطني والعودة الى خطوط التماس، ثم جاء فشل منظومة النجاح الوهمية للقطاع المصرفي واغتيال العملة الوطنية ومدخرات معظم الشعب اللبناني وودائع الاشقاء والاصدقاء بشكل اجرامي وهزلي ومخزي، لتتحول قصة النجاح المصرفي الى العنوان الابرز لصناعة الفشل اللبناني وذلك بعد فشل النظام القضائي والفشل الاعلامي والصحي والتربوي والكهربائي والغذائي والقيمي، وخلال الايام الاخيرة تتعاظم محاولات العبث بالتماسك الوطني المؤسساتي مما يثير الريبة حول التحضير لعملية اغتيال الجيش والامن آخر قصص النجاح في لبنان.