حضور الرئيس نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون الى مقر قيادة القوات الدولية هو تصرف حكيم ويفوق باهميته الكثير من الاجتماعات الحكومية والبرلمانية المنفصلة عن واقع التطورات الاقليمية والدولية والتي بدأت مع عملية الترسيم البحرية بين لبنان واسرائيل والتي باتت تؤشر الى انتقال المنطقة من إستثناءات النزاع الى قواعد الانتظام واعتبار الترسيم البحري هو بداية صناعة الاستقرار على جبهة النزاع الاطول مع اسرائيل من جنوب لبنان.
الرئيس ميقاتي وقائد الجيش يعرفان معنى اطلاق اول رصاصة بعد عملية الترسيم البحري وما احدثته من تحولات في المنطقة شاهدنا اثارها السريعة على تفاهمات اعادة تكوين السلطة في العراق،بالاضافة الى تقاطر تاكيدات رؤساء الدول الكبرى على اهمية الترسيم في اطلاق عجلة بناء اقتصاد وطني جديد في لبنان والتنويه بدور القوات الدولية في التوقيع البحري وتحضير الترسيم البري في مزارع شبعا وانهاء النزاع الحدودي ، والدعوة الى انتخاب رئيس جمهورية قادر على قيادة عملية انتقالية من النزاع الطويل الى الانتظام الدائم في لبنان وذلك بعد تعميم ظاهرة وصاية المنظمات الدولية على معظم ادارات الدولة والبرامج الانمائية في لبنان.
حضور الرئيس ميقاتي وقائد الجيش الى مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة لاحتواء تداعيات ومخاطر عملية اطلاق الرصاصة الاولى باتجاه اتفاق الترسيم البحري وصناعة الاستقرار الاقتصادي وبالتزامن مع اعلان شركة توتال عن بدء التنقيب خلال الاسابيع القادمة وبالتزامن مع اعلان الرئيس ماكرون عن زيارته ليلة الميلاد للجنود الفرنسيين في القوات الدولية ومع بداية تصفيات المونديال الرئاسي اللبناني وانتهاء المونديال القطري،ومع اعادة تحريك التداخل الفلسطيني والسوري في الواقع اللبناني واعتبار ان الوجود الفلسطيني والسوري قضيتان كبيرتان تعترضان مستقبل العملية الانتقالية الاقتصادية والسياسية وبالتزامن مع كل تلك التطورات جاء اطلاق الرصاصة الاولى في لبنان.
الرئيس ميقاتي وقائد الجيش يعرفان ان احتواء ما بدأ في الجنوب بعد عملية اطلاق الرصاصة الاولى باتجاه القوات الدولية يحتاج الى ما هو اكثر من العزاء والاستنكار،وان التداعيات قد تتطور باتجاه وحدة المسار والمصير وخصوصا ان احتلال مزارع شبعا مرتبط بالجولان والقرار ٢٤٢ بعد حرب ٧٦،وهذا ما تسبب في توحيد الوفد اللبناني والسوري الى مفاوضات مدريد، وربما تحمل الايام والاسابيع القادمة الكثير من المؤشرات التي قد تعيد عقارب الزمن الى الوراء وخصوصا في ظل المتغيرات التي احدثتها حرب اوكرانيا على التحالفات الاقليمية والدولية بحيث اصبح ساحل لبنان في غرب اوكرانيا وداخل لبنان في شرق اوكرانيا وكلاهما يتموضع في لبنان.
الرئيس ميقاتي وقائد الجيش اكدا من الناقورة على ان لبنان متمسك بالقوات الدولية وبالحفاظ على الاستقرار الامني والمجتمعي في هذه المرحلة الدقيقة والمصيرية،وان القوى العسكرية الامنية تعمل على محاصرة كل محاولات العبث الامني وخصوصا بعد ليلة السبت الاسود في الاشرفية مع المطالبة بالتدويل والحياد،ويأتي استهداف قوات الطوارىء الدولية بالرصاص مما قد يؤدي الى تحولها من قوة ردع الى قوة تدخل وخصوصا ان القرار ١٧٠١ يشمل الرقابة على كل الحدود البرية والبحرية اللبنانية.
الرئيس ميقاتي وقائد الجيش في الناقورة يدركان خطورة اطلاق الرصاصة الاولى في لبنان وتاثيرها على الاستقرار السياسي والاقتصادي وبالتزامن مع الشروع في التنقيب عن الغاز ومع السباق على انتخاب رئيس جديد للبلاد، مما يستدعي التهيب الوطني العام من الناقورة الى النهر الكبير لما قد تحمله الايام والاسابيع القادمة من مخاطر وتحولات واحداث ومواجهات داخلية وخارجية على ارض لبنان ... وحفظ الله لبنان.