بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 أيار 2021 07:56ص ( القدس الشريف ) ( ليلة القدر خير من ألف شهر )

حجم الخط
الساعة الثانية من فجر الجمعة في ٢١ أيار ٢٠٢١ خرج كل الشعب الفلسطيني على امتداد اراضي النكبة الفلسطينية من القدس الى الضفة الغربية الى مدن وقرى الداخل الـ٤٨ الى غزة الى فلسطينيي الشتات للاحتفال بنجاحهم في اعادة تظهير حقيقة نظام الفصل العنصري الاسرائيلي امام الشعوب العربية والعالم، وواكبتهم باهتمام شديد مجتمعات دول الشام التي احتضنت تداعيات النكبة وتحملت تبعاتها المسمومة بوباء الفصل العنصري الاسرائيلي واثاره المدمرة على مجتمعات بلاد الشام الحزينة، من بغداد الى دمشق الى بيروت، تلك العواصم التي قوّض استقرارها ومزقت هويتها ووحدتها الوطنية نتيجة نزاعات الفصل العنصري المقنعة بالخصوصيات الطائفية والمذهبية والاثنية والعرقية.
استطاع الشعب الفلسطيني ان يجعل العالم بأسره يشهد على احيائه ليلة القدر وكيف هي خير من الف شهر، واستطاع الشعب الفلسطيني من تحت الاحتلال ان يبعث الروح والامل في مجتمعات وعد بلفور وسايكس بيكو والنكبة والنكسة والاحتلال والاستيطان تلك المجتمعات المهزومة والمتكيّفة مع الاملاءات الاقليمية والدولية، والمنخرطة في نزاعاتها الداخلية وتفكيك مجتمعاتها واستباحة كل المحرمات الاخلاقية والسياسية الوطنية، واستطاع الشعب الفلسطيني بمواجهته المدنية والميدانية ان يبعث الامل لدى الاجيال التي توارثت لعنة النكبة ومآسيها التي تحكمت بأجيالنا ومجتمعاتنا ودولنا منذ ما يزيد على الالف شهر.
استطاع شباب وشابات فلسطين في ليلة القدر احياء الذكرى الثالثة والسبعين لنكبة ٤٨ واستطاعوا ان يصنعوا ربيعا انسانيا عالميا، واستطاعوا ان يوثقوا المواجهات مع الارتكابات الاسرائيلية بالدقائق والثوان ومباشرة على الهواء وعبر وسائل الاعلام المرئية والمنصات التكنولوجية، واستطاعوا ان يعرّفوا الاجيال الجديدة على حقيقة اسرائيل ونظامها القائم على القهر والاقتلاع من الجذور والاستيطان والفصل العنصري وادعاء التفوق على البشرية جمعاء، واستطاعوا ان يؤكدوا على هشاشة المجتمع الدولي وعدم التزامه بالقيم والمواثيق التي يدّعيها وتواطؤه الدائم مع اسرائيل وجرائمها واحتقارها للقوانين الدولية وشرعة حقوق الانسان واحتقار الجمعية العامة للامم المتحدة التي ولدت دولة اسرائيل في ٢٩ تشرين الثاني ١٩٤٧ بالقرار ١٨١ واحتقار مجلس الامن وقراراته واحتقار كل مبادرات واتفاقات ومؤتمرات السلام.
استطاع الشعب الفلسطيني في ليلة القدر ان يعيد الاعتبار الى قضيته العادلة واحياء مجلس الجامعة العربية بعد تصدع طويل، واحياء منظمة التعاون الاسلامي التي تكونت في قمة الرباط ٦٩ على اثر حريق المسجد الاقصى، وارباك مجلس الامن الذي اجتمع اربع مرات من دون اصدار بيان، وإلزام الجمعية العامة للامم المتحدة على عقد جلسة طارئة واستثنائية، وان يضع الاوروبيين امام مراجعات لمئة عام من الارتجال والعبث بالخرائط والهويات والاثنيات واستطاع الشعب الفلسطيني احداث تحول كبير في الكونغرس الاميركي وادراكه خطورة سياسات الانحياز والاستهتار بالشعوب وحقوقها ومقدساتها والذي فرض على الادارة الاميركية الجديدة مراجعة مواقفها واحترام التوازن والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في العيش بأمان في ارضه و قدسه واحيائه، والذي جعل الرئيس الاميركي بايدن يبادر بنفسه الى الاعلان عن التوصل الى وقف لاطلاق النار وشكره جمهورية مصر العربية على الدور الفاعل في تحقيق وقف العدوان.
استطاع شباب وشابات فلسطين بشجاعتهم في ليلة القدر ان يجعلوا العالم بأسره يشهد في القدس الشريف كيف تكون ليلة القدر خير من ألف شهر.