بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 آذار 2023 12:20ص المطلوب حكم انقاذي وليس جائزة ترضية

حجم الخط
حتى ما قبل مؤتمر الطائف الذي انبثق عنه دستور جديد سمي في ما بعد «دستور الطائف»، كان رئيس الجمهورية في لبنان حاكما بأمره الى حد كبير. فهو من كان يختار حكومته بكامل اعضائها ويختار من بينهم رئيسا لها هو في الواقع «الوزير الأول» لكنه كان يدعى لياقة «رئيس حكومة». ومثلما كان حرا باختيار حكومته كان حرا في انهائها او انهاء اعمال بعض وزرائه.
هذه الأحادية في العمل السياسي لم تكن دائما ناجحة بل كانت احيانا مدمرة لأن رئيس الحكومة الذي يمثل واحدة من اكبر الطوائف اللبنانية كان يشعر بأنه موظف عند رئيس الجمهورية وليس شريكا له ولو بالحدود الدنيا.
بعض هذه الحكومات نجحت لأنه كان يغلب عليها من جهة حكمة وبُعد نظر رئيس الجمهورية،ومن جهة ثانية ما كان يكنه هذا الأخير من ود نحو الوزير الأول. لكن هذه العلاقة كانت تتدهور في العديد من الأحيان. ولقاء عرمون الشهير هو خير دليل على ذلك ناهيك بمحطات سياسية أخرى وما اكثرها.
ان مؤتمر الطائف الذي كان من اول اهدافه وقف الحرب الأهلية في لبنان وقد نجح في ذلك الى انه اعاد النظر في صيغة العمل السياسيي في لبنان بحيث نقل الحكم من الأحادية الى شراكة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
مع ان ثمة من لا يحبذ هذه النتيجة لكنها نتيجة حقيقية اذا يتبين من خلال مطالعة مواد دستور الطائف ان ثمة بنودا بقيت من صلاحيات رئيس الجمهورية لكن البنود الأهم هي التي اخرجت الى العلن منظومة الحكم التشاركي بحيث هذه القرارات لا تصدر الا بمشاركة رئيس الحكومة.
في زعمنا ان المؤتمرين في الطائف كانوا يعتقدون ان هذه الصيغة التشاركية للعمل السياسي سوف تؤدي الى حسن ادارة الدولة وفي نفس الوقت تنزع الأحادية عن عمل رئيس الجمهورية وترضي في آن معا عواطف واهواء الطائفة الشريكة في الحكم الذي يمثلها رئيس الحكومة.
لكن ما كان يؤمل منه لم يتحقق وذلك للعديد من الأسباب. فبدلا من ان تكون الصيغة الجديدة صيغة مشاركة تهدف الى تفعيل آلة الحكم وزيادة انتاجها، انتهت الى تنافر ادى الى شلل هذه الآلة وتوقفها عن الإنتاج وبالتالي توقف عمل الحكم.
ومن الغرابة اننا بدأنا نسمع ان مهمة رئيس الجمهورية تختلف عن مهمة رئيس الحكومة مع ان هذه المهمة يجب ان تكون واحدة. وعلى سبيل المثال قيل عن مهمة حكم احد الرؤساء هي السياسة في حين ان مهمة رئيس الحكومة هي الإقتصاد والمال كما لو ان هناك فرقا بين المهمتين!
كما بدأنا نسمع بنظرية الرؤساء الثلاثة او الأربعة وكأن الحكم في لبنان يديره اربعة رؤساء، وهذا ابلغ مثال على اهدار فكرة الدولة، ولذا بدأنا نلاحظ وما زلنا ان الزائر الأجنبي عندما يحضر الى لبنان عليه ان يزور ثلاثة من الرؤساء وربما اكثر.
لكن ما يضحك ويؤلم في آن معا ما بدأنا نسمعه يتردد بوسائل الإعلام بمناسبة انتخاب رئيس جديد للجمهورية ما ظهر من افكار تريد ان يكون رئيس الجمهورية حائزا على رضا دولة ما، وان يكون رئيس الحكومة مرضيا عنه من دولة أخرى هي على نزاع مع الأولى.
نأمل ان يكون هذا القول مجرد تحليل اعلامي ولا يعبر عن حقيقة الوضع لأنه اذا كان صحيحا فإنه يسيء حتما الى مرشحي ادارة الحكم كما يسيء الى الشعب اللبناني برمته لأن هذا الشعب يريد حكما هدفه انقاذ البلد من الهوة التي هو فيها وليس حكما يرضي هذا الفريق او ذاك.
فلنتعظ قليلا ونفكر في مصلحة وطننا قبل مصالح الآخرين.

* مدعي عام التمييز سابقاً