بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 حزيران 2021 12:21ص اليسار الانساني وشيوخ جراح بلاد الشام

حجم الخط
 انتسبت مطلع السبعينات الى الحزب التقدمي الاشتراكي وكان شعار الحزب «مواطن حر وشعب سعيد» وكنت اشعر بالحرج امام شعارات الأحزاب الأيديولوجية والثورية، وكنت اتمنى لو ان الحزب الاشتراكي يقوم بتصحيح الشعار لانني كنت اعتبر السعادة قضية غير سياسية، واليوم بعد نصف قرن ادركت عمق العبقرية الاستشرافية لواضع ذلك الشعار السياسي الانساني بعد ثبوت ان سعادة الانسان اصعب واقدس الاهداف، حيث يشهد الخطاب السياسي العالمي استخدام مكثف للمصطلحات الانسانية، ويأتي تجديد الوثائق الانسانية في مقدمة جدول اعمال القمم العالمية التي ستنعقد في الايام القادمة والهادفة لإعادة بناء نظام عالمي يقوده يسار انساني جديد بعد ان تجاوزت مخاطر الاحادية والاحيائيات الدينية والعرقية العنصرية كل سلبيات المظلوميات الرأسمالية الطبقية واصبحت تطال كل البشرية وتدمر البيئات المدنية والطبيعية. 
 قبل اربعة عقود تابعت بترقب شديد مع عموم اللبنانيين وابناء الطائفة السنية بشكل خاص حضور مؤسسة الحريري في الواقع اللبناني الشديد البؤس بعد الاجتياح الاسرائيلي عام ٨٢ ، وكيف كانت تقدم المنح الدراسية الجامعية المحلية والعالمية والمساعدات الانسانية والانمائية من دون شروط او التزامات، وكنت اعتقد انه من الضروري الزام المستيفدين برد القروض او بالتابعية السياسية كما كان يحصل مع الاحزاب التي كانت تقدم المنح الى الدول الاشتراكية، ومع وبلوغنا اليوم عتبة الانهيار المعيشي الذي يهدد استقرارنا وامننا الاجتماعي ووجودنا الانساني نتيجة التوحش الطائفي والعشق السلطوي والعنصري ومع تقاطر الوصايات الارتجالية الاقليمية والدولية، مما جعلني ادرك اهمية النموذج الذي جسدته تجربة مؤسسة الحريري في تجديد معنى الشأن العام وان السياسة هي حب الناس وهي كرم وعطاء وكيف ان السلطة هي حب الذات وبخل وادعاء واحتقار للناس، مما يجعل من تجربة مؤسسة الحريري نموذجاً ناجحاً لليسار الانساني الجديد. 
 تابعت بدقة تكون الواقع السلطوي بين ٨ و١٤ على قاعدة تقاسم السلطة واعادة عقارب الساعة الى الوراء على حساب الانسيابية العفوية المستقبلية عبر تجديد عملية الانصهار الوطني الانساني واعادة الاعمار واستعادة ثروة لبنان الانسانية بعودة اللبنانيين من دول الانتشار، بعد ان شهدنا سنوات من التفاعل والنهوض والتجديد في كافة المجالات وان هناك مستقبلاً واعداً ينتظر الاجيال رغم عقبات سياسات ادارة الازمات، ولكن الدوافع الذاتية الانتقامية والثأرية والرغبات الضمنية بالخلاص من التجربة الانسيابية المستقبلية لدى العديد من الذين نجحوا في جني المكاسب السياسية على حساب خسارة الدماء وساهموا ايضا في صناعة الحرب الاهلية الباردة الحالية الحكومية والاقتصادية والاجتماعية المدمرة عبر الانشقاقات والانقلابات وتجديد الخصوصيات الطائفية والمذهبية والمليشياوية والاستقواء بالاستتباعات الخارجية. 
 منذ ٥ حزيران عامي ٦٧ و٨٢ انها المرة الاولى التي اشعر فيها بشيء من السعادة والامل لأن (بنيامين نتنياهو) احد وحوش صناعة العنف العنصري في مجتمعات بلاد الشام، هو يتذوق الان في ذكرى احتلال القدس اليوم السبت ٥ حزيران مرارة (النكسة) السياسية ويعبر عن هواجسه اليمينية العنصرية من تعاظم اليسار الانساني في احياء ومدن وقرى شيوخ جراح بلاد الشام التي وجهت ندائها الى احرار العالم للسير بالاتجاه الصحيح نحو تكوين يسار انساني عالمي جديد في مواجهة يمين عنصري استبدادي غير انساني .

ahmadghoz@hotmail.com