بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تشرين الثاني 2022 08:02ص حكومة تصريف أعمال لا خوف على الصلاحيات

حجم الخط
عندما شارفت ولاية الرئيس السابق للجمهورية العماد ميشال عون على الإنتهاء، رغب في ان تشكل حكومة جديدة بدلا من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كانت قد اصبحت في حكم المستقيلة بسبب الإنتخابات النيابية الأخيرة وصارت حكومة تصريف اعمال.
من المعتقد ان يكون الرئيس السابق ميشال عون قد رغب بذلك لأنه كان يطمح ان يجد حكومة تضم اكثرية وزارية تدين له بالولاء وتجعله مطمئنا لأن مثل هذه الحكومة سوف تشكل امتدادا لعهده طيلة فترة توليها الحكم بالوكالة بانتظار ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية. لكن امتناع الرئيس ميقاتي عن التجاوب اجهض هذه الرغبة.
ولهذا علت اصوات عديدة من بينها لحقوقيين بارزين ترفض ان تتولى حكومة تصريف اعمال صلاحيات رئيس الجمهورية المنتهية ولايته ولو وكالة. لذلك راح هؤلاء يطرحون صيغا بديلة لا تمت الى الدستور بصلة. وامعانا بالرفض اقدم الرئيس السابق على اصدار مرسوم باعتبار الحكومة مستقيلة. وهذا المرسوم وان كان حقا دستوريا لرئيس الجمهورية الا ان اصداره بهذا التوقيت اربك الوضع برمته.
ولكن ولأن الدستور يأبى الفراغ في المؤسسات الدستورية، ويأبى تعطيل آلة الحكم، الأمران اللذان يؤديان الى عرقلة استمرار عمل المرفق العام، فقد جرى التسليم بأن الحكومة المعتبرة مستقيلة يمكنها ان تستمر بتصريف الأعمال وبآن معاً تولي صلاحيات رئيس الجمهورية تطبيقا لروح ونص المادة 62 من الدستور التي اناطت بـ«مجلس الوزراء» تولي صلاحيات الرئيس من دون ان تفرق بين حكومة مكتملة الأوصاف وحكومة تصريف اعمال.
ان الفارق بين حكومة تصريف اعمال وحكومة مكتملة الصلاحيات يكمن في ان وزراء الحكومة الأولى يصرفون الأعمال كل من مكتبه في حين ان اعمال الحكومة الثانية تتم من خلال مجلس الوزراء.
لكن التسوية التي تم التوصل اليها، وهي تسوية غير دستورية تعترف لحكومة تصريف الأعمال بتصريف الأعمال فقط ولا تلتئم في مجلس للوزراء الا في حالات الضرورات الطارئة. ولعل سبب اصرار المعترضين على هذا التمييز مرده الى حنين دفين بالعودة الى ما كان عليه الوضع قبل اتفاق الطائف حيث كان رئيس الجمهورية رئيسا قويا فعلا لأنه كان يحكم منفردا تقريبا في حين ان اتفاق الطائف اوجد له مشاركا في الحكم. 
ان هذه الإعتراضات فيها الكثير من المبالغة وعدم الواقعية لأن الحكومة التي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة وسواء كانت حكومة تصريف اعمال او حكومة مكتملة الصلاحيات لا تحكم نيابة عن الرئيس وانما تصرف اعماله ليس الا. فهي لا تستطيع ممارسة الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية مثل رئاسة المجلس الأعلى للدفاع، رئاسة القوات المسلحة، المفاوضات لعقد اتفاقيات دولية، ومنح الأوسمة ومنح العفو الخاص...
في حين ان الصلاحيات الأخرى التي اناطها الدستور برئيس الجمهورية فإنه لا يستطيع ممارستها وحده وانما بمشاركة رئيس الحكومة او مجلس الوزراء. مثل: دعوة مجلس النواب الى عقد دورة استثنائية، مراسيم تشكيل الحكومة ومرسوم حل مجلس النواب...
وهكذا وعندما تريد الحكومة ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية غير الخاصة به يتوجب عليها ان تأخذ تواقيع جميع الوزراء للدلالة على ان كل مجلس الوزراء موافق على الإجراء حتى قيل ان كل وزير هو رئيس جمهورية.
ان هذا الحل الذي ينطوي على الكثير من الحكمة وبعد النظر ومطمئنا اعتمده الرئيس تمام سلام عندما ترأس حكومة كانت تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية.
لكن الحل الأمثل هو في انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية المنصوص عنها في الدستور. ولذلك لا موجب للخوف من طغيان طائفة معينة على صلاحيات طائفة اخرى لأن نص المادة 62 من الدستور هو نص مؤقت ليس اكثر.
------------
* مدعي عام التمييز سابقاً