بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 آب 2022 07:27م صناع الفشل ... والسياسات المنتهية الصلاحية

حجم الخط
يشهد العالم والمنطقة وقائع وسياسات جديدة تاتي بعد خضوع البشرية الى ضرورة تغيير قواعد الحياة والانتظام خلال فترة جائحة كورونا، التي شكلت مدرسة استثنائية دخلتها كل شعوب الارض لجهة الانكفاء واقفال المطارات والمدارس والجامعات والاعمال وتراجع الاقتصادات، ومدرسة كورونا ازالت الهوة بين الاغنياء والفقراء والاقوياء والضعفاء، واصبح العقل البشري على اتم الاستعداد لتقبل كل ما هو لا مفكر فيه وخارج التوقعات وقبول مبدأ انتهاء صلاحيات الكثير من الافكار والانماط والسياسات، وجاءت حرب اوكرانيا ومعها مخاطر نفاذ الطاقة والغذاء وتغيير البديهيات من اجل تامين ابسط مقومات الحياة، مما يجعل من ازمة اوكرانيا امتدادا لازمة كورونا التي لا تزال تبحث عن لقاح او علاج، مما يحتم علينا تهيب قواعد الحياة الجديدة التي احدثتها جائحة كورونا والحرب الاوكرانية على العلاقات الانسانية والسياسات العالمية والاقليمية والمحلية بعد ان اصبحت الانماط القديمة بمثابة سياسات منتهية الصلاحية.

تتميز الطبيعة البشرية بسرعة تقبلها للتحولات والمستجدات القاهرة على مستوى القناعات الفكرية والايديولوجية، وبسرعة اندماج الوعي البشري مع مستجدات الثورات الصناعية والتكنولوجية بعد ان اصبح الانسان منذ قرون وليد الثورة الصناعية، واصبحت الآلة في اصل الوجود البشري، واصبح الوقود كالماء والهواء والتراب والنار من اسباب الحياة، والكهرباء والانترنت من بديهيات الحياة لدى الاطفال والكبار، واصبحت الادوات والسياسات السابقة غير ضرورية و منتهية الصلاحية.

ان تعريف منتهية الصلاحية يشمل كل مستجدات الحياة من افكار وادوات لتحقيق الحاجات والرغبات الوجودية بعد اصبحت اسباب بديهيات الحياة خاضعة للاختبارات التكنولوجية من مياه الانهر والينابيع التي اصبحت ملوثة ومنتهية الصلاحية وتحتاج الى التنقية واعادة التكرير كي تصبح صالحة، وكذلك تلوث الهواء وارتفاع حرارة الارض وسياسات المناخ اصبحت من اولويات السياسات الدولية مما يستدعي تغيير كل قواعد الثورة الصناعية والبحث عن صناعات بديلة بالطاقة النظيفة، مما يجعل من مصادر الطاقة الحالية منتهية الصلاحية ايضا .

يحاول صناع الفشل في لبنان مخاطبة مشاعر الشعب اللبناني بافكار واولويات منتهية الصلاحية من اجل اعادة تحويل المكونات الوطنية الى قطعان طائفية ومذهبية واستتباعها والتفاوض عليها مع صناع السياسات الكبار، كالذين وضعوا خريطة سايكس بيكو ومؤتمر فرساي واعلان لبنان الكبير او غيرها من المحطات التاريخية الاستراتيجية التي حددت وظيفة لبنان والمنطقة، وكان اخرها تحويل المنطقة الى مجتمعات نزاع بعد تاسيس الامم المتحدة السيئة الذكر والاثر على شعوب الشرق الاوسط وفشلها في تطبيق قرار واحد من قرارتها الدولية الكثيرة، وصناع النزاعات من الدول الكبرى تخاطب اليوم شعوب المنطقة في الانظمة الفاشلة والمجتمعات المفككة والمشردين في خيم اللجوء والنزوح والفقر والبطالة والاغتصاب وتطالب هؤلاء بالديموقراطية والشفافية والاصلاح، مما يعني ان الدول الكبرى تعتبر ان سياسات صناعة النزاعات في المنطقة اصبحت الان منتهية الصلاحية.

صناع الفشل في لبنان من قيادات وزعامات ورئاسات وموروثات يشكلون الان حالات منتهية الصلاحية لان استمراريتهم كانت قائمة على قبولهم بتحويل مجتمعاتهم الى قطعان طائفية ومذهبية، وحصولهم على التمويلات والهبات والمناصب الرفيعة مقابل السماح لصناع النزاع الكبار باستخدام لبنان ساحة لتصفية الحسابات واستيعاب تراكمات النزعات في المنطقة، واخر ارتكابات صناع الفشل في لبنان كان انخراطهم في معركة العقوبات الوهمية والتي نهبت كامل مدخرات الناس و جعلت من النظام المصرفي اللبناني من المكونات المنتهية الصلاحية بما هو آخر رعاة صناع الفشل اللبناني والسياسات المنتهية الصلاحية .