بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 حزيران 2022 07:45م قبل فوات الاوان تعالوا نبكي على لبنان

حجم الخط

تعالوا نبكي على أنفسنا وعلى شعبنا ودولتنا، ونرتدي أثواب الحداد على نخب السياسة والقضايا والأفكار، وتعالوا نحطم كل مرايا الغرور والأوهام ونخجل من وجوهنا الحمقاء بعد ان اطلنا النظر في المرآة الى الوراء، واطفئوا كل الأنوار فالظلمة في قلوبنا السوداء لا تحب الضياء، وتعالوا نحرق كل المدارس والجامعات بعد ان فشلت في إخراجنا من قبليتنا وتخلفنا وعصبياتنا العمياء التي منعتنا من الانصهار في هوية وطنية وعصية على التحلل والاندثار، وتعالوا نلغي المهرجانات والأفراح والإحتفالات فنحن لا يطربنا سوى دوي المدافع وأزيز الرصاص، وتعالوا نقتلع كل الحقول والأزهار والأشجار فالطائفية والمذهبية والعائلية في لبنان لا تأنس الخضرة والظلال ولا ترتوي إلا بشرب الدماء.

تعالوا نسأل انفسنا في لحظة صدق مع الذات، كم مرة رفعنا رايات النصر على الجهل والتهريج والادعاء فوق قمم النجاح والابتكار والتقدم والازدهار، فمعظم راياتنا رفعت فوق اجساد الاطفال والنساء وركام البيوت وحطام الاسواق وعلى اشلاء وحدتنا الوطنية وضياع الأوطان واستباحة السيادة والسلطة والمال العام ومدخرات الناس، وكم مرة نكسنا بالعهود وخنا الأمانات وتاجرنا بالوطنية والقومية والأممية والعقائدية وبالطوائف والمناطق والأديان على حساب وحدة الدولة والمجتمع ورفعة الانسان.

تعالوا نسمي الأشياء باسمائها ونقلب صفحات الماضي القريب والبعيد والحاضر المريب، في الحرب والسلم والمسؤولية والدولة والمؤسسات والأحزاب والمنظمات والمليشيات والاقطاعيات العائلية المقنعة، وكيف حولنا كل بارقة أمل الى غيمة سوداء أمطرت كراهية وبغضاء، واستقوينا على بعضنا البعض بالأصدقاء والاشقاء والأعداء وقتلنا وهجرنا الاهل والجيران، تعالوا نتواضع قليلا فنحن في نظر اسيادنا الأوصياء مجرد أدوات صغار، لكننا في عيون اهلنا وأطفالنا رموز كبار نستحق المحبة والاحترام، تعالوا نتحرر من ذلنا واستعطائنا على أعتاب الاشقاء والاصدقاء، وتعالوا نتعلم التواضع والمحبة والعطاء ونفتح صفحة جديدة بيضاء لكتابة قصص الوحدة والتفوق والنجاح والابداعات وطموحات الأجيال من شابات وشباب واطفال لبنان، وتعالوا نبني جدارا عازلا بين ماضينا المقيت ومستقبل الاجيال من اجل حمايتهم من تلوثنا ومآسينا وما ارتكبناه بحق وطننا الحبيب لبنان.

تعالوا نشتري لحظة أمان نضيء بها بريق الأمل في عيون الاطفال ونرفع من أمامهم ما خلفته قلوبنا السوداء من كراهية واحقاد و تذاكي وشطارات وفرقة واغتراب، تعالوا نتوب عن عبادة الذات الشخصية والطائفية والقبلية ونذوب في ذات وطنية نقية سمحاء، تعالوا نتطهر من معاصينا وغرورنا ونستعيد بساطة الحياة وعدالة الأحلام ونتحرر من ظلم الثروة والسلطة وأوهام الاغبياء، تعالوا نعيش معا او نموت معا و نبني سفينة خلاصنا من طوفان الخفة والغوغاء والارتجال والاستهتار بمصير الوطن والإنسان بعد ما شاهدناه وسمعناه من اطروحات عن اللا احد واللا شيء عبر استشارات ممثلي الامة جمعاء وانفصالهم عن الواقع واستغراقهم في ترف الافتراض رغم هول الانهيارات الواقعية المالية والاجتماعية والتنقيبات الحدودية واستلاب بعضهم في غيبوبة رئاسية مع تجدد مخاطر النزاعات والتهديد بالنار والدخان والدماء والاحتلال وانعكاسات تحولات وتحالفات العالم والمنطقة على عملية اعادة تكوين السلطة في لبنان بموازاة انشغالات بعض نخب لبنان بالانتقام من الاحباط بالاحباط ومن العزلة والمنفى بالعزلة والمنفى والبعض الاخر ممن فرقوا الصفوف وصنعوا الضياع يعيشون على اوهام استعادة الوحدة والوئام بالاغتصاب السياسي والطائفي وآخرون يتوخون السكينة والأمان مع التمادي بالإلغاء و الاغتيال والانخراط بالنزاعات … و خير كلام قبل فوات الاوان … تعالوا نبكي على لبنان.