بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آب 2019 12:29ص لبنان في متاهة المجهول

حجم الخط
الاثنين القادم الذكرى الخامسة عشرة لصدور القرار ١٥٥٩ في ٢ أيلول ٢٠٠٤ ، القاضي بخروج كل القوات الغريبة من لبنان وحل المليشيات وبسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، والذي جاء نتيجة لقانون محاسبة سوريا الصادر عن الكونغرس الأميركي في ١٢ كانون الأول ٢٠٠٣، والذي ساهم في إقراره شخصيات روحية وسياسية وإعلامية لبنانية قدمت شهادات في الكونغرس الأميركي في إطار التحضير لقانون محاسبة سوريا في محاولة لتعزيز ثقافة الدولة والانتظام العام.

 تجاهل السوريون القانون والقرار واعتقدوا  انهم ضرورة أميركية في لبنان متناسين أسباب إعادة  تكليفهم بإدارة الأزمة والسماح للطيران السوري لأول مرة باختراق الأجواء اللبنانية وضرب قصر بعبدا في ١٣ تشرين الأول ١٩٩٠ وذلك بعد قرار أميركا  محاسبة العراق واندلاع حرب الخليج الثانية في الكويت،  بعدما  أعتقد العراقيون أيضا بأنهم ضرورة أميركية لما قدموه من خدمات في حرب الخليج الأولى مع ايران على مدى عشر سنوات والتي انتهت بفضيحة ايران غيت والقرار  ٥٩٨ ، فقام صدام حسين باطلاع السفيرة الأميركية ايبرل غلاسبي عن نيته باحتلال الكويت التي تركته يذهب وينتهي بعاصفة الصحراء واستمر  تكليف سوريا في لبنان من ١٩٩٠ حتى احتلال أميركا للعراق ٢٠٠٣ .

أصرت سوريا على تمديد ولاية رئيس الجمهورية في ١ أيلول2004 فصدر القرار ١٥٥٩ في ٢ أيلول ٢٠٠٤ ومعه بدأت التموضعات والاصطفافات والرهانات، ثم كان مسلسل الاغتيالات الذي أعاد خلط الأوراق وأنتج واقعاً سياسياً وأدواراً وشخصيات سياسية وإعلامية ونشطاء وتكوينات ودخلت البلاد في دوامة المجهول،  ثم جاءت حرب ٢٠٠٦ وصدور القرار ١٧٠١ وما تلاها من أحداث أمنية وتعطيل وتحالفات وإقصاءات وعاش اللبنانيون خمسة عشرة عاما مع المجهول بدون انتظام أو انسياب مع الكثير من مشاعر الثأر والانتقام وتصفية الحسابات، وكان المجهول هو الجامع الوطني الوحيد بين كل المكونات والقيادات والأحزاب والتيارات. 

 بعد أحداث ١١ أيلول في نيويورك ٢٠٠١ واحتلال أفغانستان ثم العراق مع الفوضى الخلاقة والخروج السوري من لبنان، أصبحت ايران ضرورة أميركية وبدأت في بسط سيطرتها على مكونات جبهة الصمود والتصدي  بعد كامب ديفيد وإعادة إنتاج  فكرة المقاومة  بعد اجتياح ٨٢ عبر المقاومة الإسلامية للاحتلال الإسرائيلي واستيعاب حماس والجهاد في غزة ، ثم جاء انتخاب الرئيس أوباما ٢٠٠٨ ليشكل مرحلة استثنائية  في العلاقات الأميركية الإيرانية تجلت بالانسحاب الأميركي من العراق ٢٠١٠، وإنتاج مشترك لربيع الإسلام السياسي ٢٠١١، وتوقيع الاتفاق النووي  ٢٠١٥، ورفع العقوبات إلى الانتخابات الرئاسية اللبنانية  في ٣١ تشرين الأول ٢٠١٦ قبل ثمانية أيام من انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في ٨ تشرين الثاني ٢٠١٦ وخسارة هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديموقراطي وبدء محاسبة ايران كما حدث مع سوريا والعراق.

 بعد أحداث قبر شمون والضاحية الجنوبية والتهديدات الاقتصادية دخل لبنان من جديد في متاهة المجهول في ظل العقوبات والمواجهات الأميركية مع ايران والضربات الإسرائيلية في العراق وسوريا ولبنان، والتي أيقظت الذكريات العميقة والأليمة أيام الحرب الأهلية وجرائمها ومآسيها، إلى الحروب الإسرائيلية وهولها ودمارها، إلى ذكريات الانهيار الكارثي لليرة اللبنانية من ثلاثة ليرات للدولار الواحد إلى ثلاثة آلاف، مما أعاد اللبنانيين إلى الانشغال المفرط بالأخبار والتوقعات والإشاعات، وإعادة التموضع وتبضع المواد الغذائية والمحروقات و ترتيب الأولويات، ناهيك عن الضياع الموصوف لدى شخصيات سياسية وفكرية وإعلامية ومالية مع دخول لبنان في متاهة المجهول.