بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الثاني 2017 12:11ص لبنان و٣+٢ السيسي وماكرون.. عبد الناصر وديغول

حجم الخط
يوم ٢٦ آذار ١٩٥٩ لم يكن عبد الناصر وفؤاد شهاب وحدهما في اللقاء على الحدود اللبنانية السورية، بل كان معهم شارل ديغول، الذي بادر فور تسلمه قيادة فرنسا عام ٥٨ إلى إرسال الاب لوبريه وبعثته الانمائية لتحديث لبنان، وعرض على الجزائر تسوية اسماها «سلام الشجعان»، وغيّر وجه فرنسا بعد العدوان الثلاثي الفرنسي البريطاني الاسرائيلي على مصر عام ٥٦ وآثاره السيئة.
تذكرتُ عبد الناصر وديغول بعد ما شاهدتُه من تموضع جديد في لبنان للرئيس الفرنسي إيمانيويل ماكرون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عشية الذكرى ٧٤ للاستقلال، اذ نجح الرئيسان الفرنسي والمصري في تثبيت الاستقرار بــ «التريث» ، بعد جهود مكثفة إقليمياً وعربياً ودولياً. وتمّ الحفاظ على التماسك اللبناني الهشّ الرسمي والشعبي، مما جعلنا نستحضر سنوات الاستقرار العشرة خلال رعاية عبد الناصر وديغول للبنان بين عامي ٥٨ و٦٨ مع الرئيسين شهاب والحلو، والتي بدأت بالتعثر بعد نكسة عبد الناصر في حزيران ٦٧، وانكفاء ديغول بعد ثورة الطلاب في فرنسا ٦٨، وبداية مسيرة العذابات اللبنانية الطويلة.
عام ٧٩ شهد لبنان تموضعاً لايران بعد قيام الثورة وتأسيس حزب الله. وشهد لبنان ايضا حضور رجل الاعمال اللبناني السعودي رفيق الحريري عبر مؤسسته الانمائية التي تأسست عام ٧٩، والشروع بمعالجة نتائج الحرب التربوية والاجتماعية والثقافية والإنمائية، وخصوصا بعد الاجتياح الإسرائيلي عام ٨٢ والاعمال الإغاثية وتنظيف بيروت والنهوض بالمناطق، وذلك بموازاة الحضور الايراني الذي باشر بدعم حزب الله وتأهيله لتولي مهمة المقاومة بعد سقوط اتفاق ١٧ ايار مع اسرائيل عام ٨٤ .
صنع الرئيس الحريري قصّة نجاح كبرى من خلال تعزيز الحضور السعودي بقيادة الملك فهد وبالتعاون مع سوريا الرئيس حافظ الاسد وإدارتهما الخارجية والأمنية، وذلك بالدعوة الى اجتماعات جنيف ولوزان ٨٤، ثم الدعوة الى الطائف ٨٩ وتسوية انهاء الحرب في لبنان التي جسّدها رفيق الحريري بنجاح كبير بعد ان كُلّف برئاسة الحكومة نتيجة انتخابات ٩٢، وتولى اعادة الاعمار. واستطاع عام ٩٥ بعد انتخاب الرئيس شيراك جعل فرنسا شريكا للسعودية وسوريا في حماية الاستقرار . وكان تفاهم نيسان ٩٦ وباريس1 (2001) وباريس2 (2002) من أهم نتائج الشراكة الفرنسية السعودية في لبنان.
 اعتبر العالم عملية بناء الدولة واعادة الاعمار من اكبر قصص النجاح على مستوى العالم في القرن العشرين، بعد مشروع مارشال لإعادة اعمار اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وايضا نجح حزب الله في عملية تحرير الجنوب العام ٢٠٠٠. وشهد لبنان جاذبية هائلة عربياً ودولياً، وكذلك استقبلت كل المدن العربية نجاح المقاومة اللبنانية بالمودة والاعتزاز. وشكّل مؤتمر باريس٢ علامة فارقة في الصداقة السعودية الفرنسية اللبنانية، وكان بمثابة المحطة الاخيرة نحو الدولة الوطنية الناجحة والناجزة. ثم جاء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ١٤شباط ٢٠٠٥ لينهي الوجود السعودي والفرنسي والسوري في لبنان مع تعزيز الحضور الأميركي والإيراني بعد احتلال العراق ٢٠٠٣.
يعتبر اهتمام الرئيسين ماكرون والسيسي عشية الاستقلال بمثابة خشبة خلاص من مأساة الانقسام اللبناني مع التهديدات الاسرائيلة بتحويل لبنان مجدّداً الى ساحة نزاع، وبالتزامن مع قمة ٣ دول حول سوريا في سوتشي ، الرئيس الروسي بوتين والرئيس التركي اردوغان والرئيس الايراني روحاني، وبموازاة ٢ من الدول حول لبنان بتوافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفرنسي إيمانيويل ماكرون لدعم استقرار لبنان ومواجهة تحدياته في تعزيز وحدته وحياده واستعادة حقوقه وسيادته على ارضه ومياهه بما يشبه تعاون عبد الناصر وديغول وبذلك نكون في سوريا ولبنان امام معادلة ٣+٢ .
ahmadghoz@hotmail.com