بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تشرين الثاني 2022 12:34ص لفحات رئاسية إيجابية.. ولكن؟

حجم الخط
المعلومات الواردة من الخارج تُفيد أن الطبخة الرئاسية وضعت على النار في العواصم المعنية بالوضع اللبناني، وخاصة في باريس والرياض، حيث المشاورات ناشطة على أعلى المستويات بين العاصمتين، وكان آخرها ما أُعلن عن الإتصال المباشر بين الرئيس إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والملف الرئاسي في لبنان كان المحور الأساس، وإحتل المساحة الأكبر في هذه المحادثة المطولة بين الزعيمين.
والمعروف أن قصر الأليزيه يقوم بدور قناة التواصل غير المباشر بين كُلٍّ من واشنطن والرياض من جهة، وطهران من جهة ثانية، والحرص مؤخراً على ضبط الحركة مع إيران، وجعلها أكثر توازناً، بعدما هامت علامات الإستفهام حول الرئيس الفرنسي بالنسبة لذهابه بعيداً في التعاطي مع كبار المسؤولين في طهران.
وبالمقابل فقد أكدت السعودية، عبر نشاطات سفيرها في بيروت وليد بخاري، والتي بلغت ذروتها في تظهير الإجماع اللبناني في «منتدى الطائف»، أنها الناخب العربي القوي في الإستحقاق الرئاسي، ليس من موقع التدخل في شؤون الشقيق الصغير الداخلية، بقدر ما تحرص على الحفاظ على متطلبات الأمن والإستقرار التي أرسى قواعدها إتفاق الطائف، والعمل على إستعادة لبنان لموقعه الطبيعي في الأسرة العربية، وإنهاء مرحلة التوتر في العلاقات اللبنانية ــ العربية، وخاصة مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.
التحرك الخارجي الذي دخل مرحلة مهمة من المتابعة والجديّة لتسريع خطوات إنهاء الشغور الرئاسي، وتشكيل حكومة قادرة على إدارة ورشة الإصلاحات الموعودة، لا بد أن تواكبه حركة داخلية تهيىء الأجواء لتنفيذ التوافقات الخارجية، بمثيلاتها في الداخل، تساعد على إنجاز الإنتخابات الرئاسية بمجرد وصول كلمة السر من الخارج.
دعوة الرئيس نبيه بري للحوار حول الملف الرئاسي تبقى إحدى الأوراق المطروحة على طاولة الحركة الداخلية، رغم ردود الفعل المتسرعة من بعض الكتل النيابية، وخاصة أغرار السياسة من تغييريين ومستقلين، الذين قد يجدوا أنفسهم فجأة جالسين على طاولة بري الحوارية.
ما أسماه أمين عام حزب الله «مواصفات الرئيس المقبل»، هو في الواقع عنوان جديد لفتح قنوات الحوار مع الأطراف الأخرى حول «المرشح التوافقي»، رغم أن معظم المواصفات التي طرحها نصرالله ترسم صورة سليمان فرنجية في قصر بعبدا. غير أن بعض الإشارات في الخطاب أوحت، بشكل غير مباشر، أن الحزب ليس متمسكاً بمرشحه، وأن إحتمالات التوافق على شخصية أخرى ما زالت واردة، لاسيما بعد رفع الفيتو عن قائد الجيش العماد جوزيف عون.
من المستبعد أن تسبق الحركة الداخلية، التي مازالت في بداياتها،نتائج الحراك الإقليمي ــ الدولي الذي قطع مرحلة لا بأس بها، والذي يشهد جولة مهمة خلال قمة العشرين في بالي، قد تكون حاسمة، بوجود قادة الدول المعنية ، وفي المقدمة: الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الفرنسي ماكرون، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وأهمية الإتفاق ــ الصفقة المتوقعة أنها لن تقتصر على الإنتخابات الرئاسية فقط، بل ستحدد إطاراً واضحاً لكل الخطوات الواجب تنفيذها، على مختلف الصعد الإصلاحية، وقد تصل إلى حد التداول بأسماء فرسان المرحلة المقبلة، خاصة على الصعيدين المالي والإقتصادي، والمراكز القيادية التي ستشغل في مطلع العهد الجديد.
ومن البنود المطروحة في الإجتماعات الخارجية، العمل على إلغاء العقوبات الأميركية ضد لبنان، أو على الأقل تخفيف بعض القيود التي تعرقل عودة الإستثمارات إلى البلد، وتساعد على تسريع خطوات إنتاج النفط والغاز، بعد إنجاز الترسيم البحري مع العدو الإسرائيلي.
ولكن علمتنا التجارب المريرة في لبنان أن الحذر واجب في التعامل مع هذ الأجواء، التي تحمل بعض اللفحات الإيجابية، بعد سنوات عجاف، من الإنهيارات والإفلاسات، والعتمة والضياع. ذلك أن أي خلل جديد في الأوضاع الإقليمية، من شأنه أن ينعكس سلباً على الوضع اللبناني المتداعي أصلاً، والذي يتحول بسرعة إلى ساحة لتصفية الحسابات الخارجية على حساب أمنه وإستقراره.