بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 نيسان 2019 12:18ص مصداقية العهد والحكومة في إقرار خطة الكهرباء

حجم الخط
هل نصدق ان اللجنة الوزارية برئاسة الرئيس سعد الحريري، المكلفة دراسة خطة الكهرباء التي تقدمت بها وزارة الطاقة والمياه، ستتوصل فعلياً الى التوافق على «خطة معدلة» تحل كل التحفظات التقنية والسياسية التي ابدتها جهات سياسية عديدة، مع ما رافق تلك التحفظات من شكوك حول وجود صفقات «مستورة ومموهة» وراء تقسيمها بين مرحلتين «انتقالية ونهائية»،مترافقة  مع محاولة للالتفاف على مطلب تلزيمها من قبل دائرة المناقصات؟
تدفع التصريحات التي ادلى بها وزير الاعلام جمال الجراح في اليومين الماضيين حول حصول تقدم كبير في عمل اللجنة الى التفاؤل، لكنه تفاؤل مشوب بالحذر، بانتظار ما يمكن أن يطرأ من مناقشات ومواقف رافضة خلال جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس. 
ينتظر اللبنانيون خروج الدخان الأبيض من مدخنة مجلس الوزراء، بحيث تحقق حكومة «الى العمل» التي وعدتهم بالإنتاجية العالية، وبتحقيق الإصلاحات ومحاربة الفساد، وتحقيق خطة النهوض الاقتصادي، وفي طليعتها حل أزمة الكهرباء المزمنة منذ أكثر من عقدين، خطوة على طريق الوفاء بالوعود الفضفاضة التي تضمنها بيانها الوزاري. يأمل اللبنانيون أن تدرك جميع القوى السياسية الممثلة في مجلس الوزراء بأن جلسة الغد، التي ستبحث إقرار الخطة العامة لحل أزمة الكهرباء بشكل نهائي، هي اختبار فعلي ونهائي لمدى قدرة الحكومة والعهد على الوفاء بالتزاماتهما، امام شعبهما وامام المجتمع الدولي وفاءً للعهود التي قدمت في مؤتمر «سيدر».
يبدو لنا بأنه من المفيد تذكير الرئيس الحريري قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء بالدعوة التي وجهها اليه النائب والوزير السابق وليد جنبلاط بعد تشكيل حكومته الأولى في عام2011 لصب كامل اهتماماته على حل الازمات التي يعاني منها قطاع الخدمات، وفي طليعتها ازمة الكهرباء. وجاءت دعوة جنبلاط هذه بمثابة نصيحة بعدم الانجرار الى اتون السجالات السياسية والانقسامات التي  تدفع بالبلاد نحو فتنة مدمرة على خلفية الصراع السعودي – الإيراني أو كنتيجة للصراع الداخلي بين قوى 8 و 14 آذار، وارتدادات تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومسار التحقيقات الخاصة (المثيرة للجدل ) حول هوية الجهة المسؤولة عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. 
من المؤكد بأن الظروف الراهنة تختلف كلياً عن تلك التي سادت أيام  حكومة الحريري الأولى ، والتي جرى إسقاطها من خلال توافق حزب الله مع التيار الوطني الحر على ذلك، وفي الوقت الذي كان يجتمع فيه رئيسها مع الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض.بينما ارتكز اختيار الرئيس الحريري، وعملية تشكيل الحكومة الراهنة على تسوية سياسية جامعة، وذلك انطلاقاً من تفاهم سياسي واضح بين الحزب والتيار من جهة وبين تيار المستقبل من جهة ثانية، وذلك بالرغم من تحفظ العديد من الأصدقاء والحلفاء. 
من هنا فإن الظروف والتوافقات السياسية الراهنة هي مؤاتية للعهد والحكومة لتحقيق حل أزمة الكهرباء باعتبارها علّة العلل التي يشكو منها لبنان، حيث لا تقتصر مفاعيلها على تحميل المواطن والاقتصاد الوطني تكاليف إضافية، لا طاقة لهما بتحملها، بل تتعدى ذلك لتشمل بمفاعيلها جميع وجوه الازمة الشاملة التي يواجهها البلد منذ أكثر من عقدين، بما في ذلك الهدر والفساد وتفاقم الدين العام والتلوث. 
بات من الضروري أن تثبت جلسة مجلس الوزراء من خلال إقرارها لخطة الكهرباء صدقية وعود العهد والحكومة بالإصلاح ومحاربة الفساد ووقف الهدر وإطلاق عجلة الاقتصاد. سيشكل أي تقاعس او فشل او تأجيل لإقرار الخطة المعدلة، تحت أي حجة كانت ، سبباً للتشكيك في نوايا جميع الافرقاء السياسيين،  وربطها بالتالي بالمصالح الخاصة على حساب الخزينة وجيوب المواطنين. 
في النهاية سيتوقف إقرار الخطة على مدى قدرة الرئيسين عون والحريري على تجاوز كل التحفظات التقنية المثارة حول الخطة، وكل الخلافات السياسية المتسترة وراء الحفاظ على المصلحة العامة، وبالتالي الخروج بقرار حاسم لإقرارها، وتنفيذ العقود من خلال لجنة المناقصات، وذلك اشعاراً ببدء مسيرة الإصلاح، والتي ينتظرها اللبنانيون والمجتمع الدولي بفارغ الصبر. 
العميد الركن
نزار عبد القادر