بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 آذار 2019 06:20ص أسواق طرابلس تئن وتجّارها يدقّون ناقوس الخطر!!

حجم الخط
هل إنّ أسواق طرابلس التجارية تمر بحالة من «الموت السريري»؟؟، سؤال مطروح على تجّار المدينة، الذين أكدوا أنّ خسائرهم المادية لا تُعد ولا تُحصى، ومَنْ يبقى واقفاً على رجليه حتى الساعة، إنّما بفضل أملاكه التي يستمد منها القدرة على الاستمرار، ومتى انتهت انتهينا.
مَنْ يجول في الأسواق سواء فترة قبل الظهر أو بعده، يجد أنّه ما من زبائن، لا داخل المحلات ولا خارجها، بالرغم من أنّ الفترة هي زمن الحسومات على الألبسة الشتوية، والتي كانت في السابق تستقطب الزبائن من داخل المدينة وخارجها، نظراً لوجود مؤسسات تجارية مهمة، لكن اليوم أسواق طرابلس لم تعد تستحوذ على الاهتمام.

وما يزيد في الطين بلة، هو ما أشار إليه تجار السوق العريض، الذي يشهد منذ حوالى الخمس سنوات أعمال تأهيل من قِبل جمعية «العزم»، لكن حتى الساعة نهاية الأعمال لم تبصر النور، وكلما سأل التجّار عن السبب لا يجدون الطرف المخوّل بالإجابة، وبالطبع فإنّ هذه الأعمال تخلّف الأتربة والغبار التي تدخل المحلات وتزيد من الأضرار. فكيف يمكن للتجّار متابعة مسيرتهم ازاء الأزمات التي يتخبطون بها سنوياً؟
حجازي
{ عضو جمعية تجّار البلدية القديمة عمر حجازي قال: «نحن في مرحلة الصمود والبحث عن كيفية الاستمرار، وهنا أشير الى أننا مؤسسات قديمة وعريقة في مدينة طرابلس، ومع هذا لا يمكننا الاستمرار، إذ كل ما نملكه استهلكناه على مدى السنوات الماضية، والتي شهدنا فيها جموداً رهيباً. المدينة لم تعد تستقطب الغرباء، وهذا منذ سنوات طويلة، لكن يمكن التأكيد على ان الاكتفاء الذاتي ليس سبباً لأوضاعنا الحالية، كون القرى تحتاج للتبضع من المدينة، وتبقى قلة السيولة هي السبب، وهنا لا بد من تدخل الدولة لحل هذه الأزمة لأن انهيار التجار يعني انهيار المجتمع ككل».
وتابع حجازي: «أما في ما يخص أعمال التأهيل في السوق، والتي طال أمدها منذ خمس سنوات، فإنّنا نسأل الرئيس نجيب ميقاتي القيّم عليها، أين أصبحت هذه الأعمال؟، التي تنعكس سلباً على أحوالنا، ولماذا لا يتدخل ليضع حداً لإنهائها، خاصة بعدما تفاقمت خسائرنا؟، كما أسأله عن بيت الطالب في جونيه، والذي أنشأته هل تطلّب منك خمس سنوات؟».
ورأى حجازي أنّ «أزمات السير المتفاقمة في المدينة تُعد سبباً رئيسياً للجمود الحاصل كونه ما من مواقف للسيارات وكثر الزبائن الذين يشتكون من ذلك، كنا نتمنى لو أن مرآب التل أنشئ، وتم القضاء على كل الفوضى الحاصلة، لكن حسب ما يبدو فإنّ هناك مَنْ يهتم بعرقلة المشاريع التي من شأنها تحسين الأوضاع والحركة التجارية». 
وأوضح: «نحن نعيش في مدينة نشحذ فيها الأمن والأمان، نشحذ الاهتمام من دولتنا والزعماء فإلى متى سنستمر بهذه الحياة؟ أو ضاعنا أكثر من مأساوية، وإنْ كان بالإمكان الاستمرار اليوم، فغداً كل المؤسسات ستقفل أبوابها، وهنا أشير الى اننا بسبب الوضع السيىء لجأنا الى صرف الموظفين، ما يعني البطالة في ارتفاع مستمر»، مشددا على «ضرورة إجراء انتخابات لجمعية التجار، والتي باتت اليوم تضم الكهول الذين هم أشبه بالمومياء، اذا اتفق أهل السياسة لا تتم الانتخابات واذا اختلفوا لا تجري فإلى متى؟؟».
الحلبي والنابوش
{ نظير الحلبي (صاحب محل منذ 47 سنة) قال: «لو لم يكن لدي رأسمال كبير لما تمكنت من الاستمرار حتى اليوم، وإن بقيت فذلك سيكون بفضل الله وحده، كونه ما من حركة تجارية، وما من زبائن في السوق، وأي موسم لا يمكنه أن يغير شيئاً من الوضع القائم، والحقيقة لا يمكننا التوقع، فكل الوعود التي تطلق من هنا وهناك لا أمل لنا فيها».
{ أميرة النابوش (صاحبة محل منذ 18 سنة) قالت: «أختصر بالقول إننا في عيد الأم كنا لا نقفل محلاتنا لغاية الساعة العاشرة ليلاً، ومنذ يومين أقفلنا عند الرابعة بعد الظهر، وفي هذا دليل واضح على أوضاعنا المأساوية، كان الزبون حينما يدخل المحل «يبوس ايدنا بغية الاهتمام به» و»اليوم نبوس ايد الزبون ليدخل المحل»، هكذا هي أحوالنا، وربما أقفل قريباً لأنه لم يعد بمقدوري الاستمرار بعدما استهلكت كل ما أملك».
واعتبرت النابوش أن «الانفتاح على الأسواق التركية أضر بمصلحتنا فضلاً عن البيع والشراء عبر «الأونلاين»، كل هذا انعكس سلباً الى جانب انعدام السيولة، يجب أن تكون هناك حلول جذرية، وإلا فإن الأسواق ستموت عما قريب».
المصري
{ مايز المصري (صاحب مؤسسة تجارية منذ 50 عاماً) قال: «أعمالنا بدأت ضمن الأسواق الداخلية، ثم في شارعي عزمي ونديم الجسر، ما يعني كل مدينة طرابلس، لكن للأسف الشديد قمنا بتأجير كل المحلات بسبب الأوضاع السيئة، التي تسوء أكثر سنة بعد سنة، ويمكنني تأكيد أنّ الحركة التجارية هذه السنة تراجعت بنسبة 100%، ما يعني انعدام كلي للزبائن والسبب يعود للطقم السياسي الفاسد، إذ حتى اليوم وهم يتحدثون عن الفساد فإننا لا نرى متهماً خلف القضبان».
ورداً على سؤال قال: «الأمل وحده هو الذي يدفعنا للاستمرار، سابقاً كانت لدينا فكرة بإقفال المحلات وتسليم المفاتيح إلى محافظ الشمال، بيد ان الفكرة مؤذية للمدينة، لذا رفض الكثير من التجار تطبيقها، وأعتقد بأنه من دون تحرك كبير فإن شيئاً لن يتغير بل بالعكس نحن نسير نحو الأسوأ».
وأضاف: «خسائر التجار كبيرة، والمحلات التي أقفلت أبوابها لا تعد ولا تحصى، وحده القادم من الخارج لديه أمل بافتتاح المحلات، كونه لا يعلم شيئاً عن الأسواق. نتمنى أن تتغير الأمور كون الوضع يمس المجتمع برمته».
وختم المصري مشيراً الى ان «جمعية التجار لا تقوم بأي خطوات ايجابية، ولا دور لها في تطوير الحركة التجارية، الكل يعيش حالة تقشف رهيبة لحين يقضي الله أمراً كان مفعولاً».
{ من جهتها، قالت علا (عاملة في محل تجاري في الأسواق الداخلية منذ 17 سنة): «كنا لا نهدأ ولا نرتاح من حركة البيع والشراء يومياً، اليوم بتنا نبحث عن الزبون، الأوضاع الاقتصادية صعبة للغاية، ويمكنني القول اننا نبيع بالرأسمال فقط من أجل تأمين إيجار المحل، وأعتقد بأنّه سنة بعد سنة ستختفي الأسواق وتموت بالرغم من أنهم يقولون بأن السوق حاجة ضرورية، لكن الوقائع تثبت عكس ذلك».
وتابعت: «كل الأسواق تبدأ أسعار الحسومات مع بداية كل فصل، طمعاً في البيع والشراء واستقطاب الزبائن، ومع ذلك فإنها عبثاً تحاول، ماذا عسانا نفعل إزاء هذا الواقع المرير؟؟؟».
وختمت: «العائلة لا تملك السيولة والرواتب التي يتقاضونها يدفعونها فواتير. لا نعلق الآمال على موسم الأعياد كونها لا تغيّر شيئاً من الوضع القائم، بالعكس نحن نخشى من إقفال المحل، وحينها سنكون بلا عمل وبالطبع سيكثر الفساد والسرقة ما يعني انهيار المجتمع بالكامل».