بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 تشرين الثاني 2020 12:02ص البزري لـ «اللواء»: تأخّر منظمة الصحة بإعتماد «Remdesivir» سبّب الهلع..

حجم الخط
 
تزامنت فورة الموجة الثّانية من وباء «كورونا» في لبنان مع مؤشّرٍ خرقَ سوداويةَ المشهد وحملَ بعض الإيجابيّة للعالم أجمع، وتمثّل بالإعلان عن لقاح «فايزر» الّذي يتردد أنه أثبتَ فعاليّته ضدّ الڤيروس الفتّاك. وفي الطريق إلى اعتماد اللقاح عالمياً من قبل منظمة الصحة والجهات المعنية، سارع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، لإعلان حصول لبنان على حصّةٍ من اللُّقاح – الحلم. وعدٌ كان كافياً لفتح شهية نشطاء مواقع التّواصل الإفتراضي الذين ذكّروه بأن في لبنان باتت الصيدليات خالية حتى من أدوية الصداع، ويجدر به الاهتمام قبل إطلاق الوعود بالحصول على دواءٌ لم تثبت فعاليته حتّى.

تجربة ترامب وحلم الشفاء العاجل

والواقع أنّ «كورونا» الذي تحوّل إلى مشكلة عالمية وشّغلاً شّاغلاً للناس المحتاجة إلى أي بارقة أمل، سبق إعلان «فايزر» انتشار واسع لاستخدام «دواء» لمجرد أنّ كثيرين سمعوا أن له فعاليّة وقدرة في محاربة ذاك الڤيروس إنه «Remdesivir»، الذّي قيل بأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب استخدمه خلال فترة إصابته، وأثبت فعاليّة لناحية تسريع عملية الشّفاء من الفيروس.

ولهذا الدواء في لبنان قصّة، فكثيرون هرعوا لشرائه أو طلبه من الخارج، ونظراً لقلّة الكميات المتوفرة منه في الأسواق أو الحصّة التّي يحصل عليها لبنان منه، وإزاء ضغوطات زيادة الطّلب عليه، نشأت سوقٌ سوداء لبنانيّة على هذا الدّواء. نعم السوق السوداء التي التهمت كل مفاصل الحياة المالية والاقتصادية والتجارية والنفطية توسّعت لتشمل دواءً مفترضاً لـ «كورونا»... أنتَ في لبنان فلا تتعجّب.

الأمين:الدواء متوفّر لكن الطلب كبير

الأمين: «Remdesivir» أصبح متوفِّراً


غسّان الأمين

عن موقف نقابة الصّيادلة مما يجري، يؤكّد نقيب الصّيادلة في لبنان غسّان الأمين في إتّصالٍ مع «اللّواء» أنّ «هذه الظّاهرة حدثت منذ فترةٍ، أما الآن فقد أصبح الدّواء موجوداً ولكنّ بكمية غير كافية نظراً لزيادة الطّلب عليه بشكلٍ كبيرٍ». وبرأيه «تكمن المشكلة في عملية الحصول عليه من المصنّع الأساسي، والّتي تأخذ وقتاً، فيضطرّ الوكيل أحياناً على الموافقة والتوقيع لإستيراده من مصادر أخرى، إلاّ أن موافقتها تكون مشروطةً بأن لا يباع بسعرٍ أغلى من السَعر الرسمي تحت طائلة المسؤولية، وهنا يدخل الإحتكار ويبدأ السعر بالارتفاع في السّوق السّوداء».

جبارة: للتشدّد بمنع الاحتكار

جبارة: للتّشدّد ولَجم السّوق السّوداء


كريم جبارة

من جهته، يشير نقيب مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات كريم جبارة إلى أنّ «إرتفاع أعداد الإصابات بكورونا أدّى إلى الطّلب الهائل على «Remdesivir» مقابل وجوده بكميّاتٍ محدودةٍ في السّوق سابقاً نظراً لقلّة أعداد الإصابات في الفترة الماضية». ويؤكّد أنّ «عملية الإستيراد الآن طبيعيّة، ولكنّ الواقع الّذي يحكم العالم يؤدّي إلى كثافة الطّلب عليه عالميّاً ممّا يسبّب ضغطاً هائلاً على الشركة المصنّعة، إضافةً إلى إعتماد هذه الأخيرة بروتوكولاً معيّناً لتصدير هذا الدّواء، وأوّل شروطه تفضيل بلدٍ على آخر بحسب أعداد الإصابات».

وشدّد جبارة متمنيّاً «عدم تساهل الدّولة والأجهزة الأمنية في ما يخصّ السّوق السّوداء، إذ أنّ النّقابة ليس لديها سلطة رقابيّة». وحذّر من أنّ «شراء هذا الدّواء من السّوق السّوداء أمرٌ خطيرٌ، إذ لا يكون بجودةٍ عالية خصوصاً أنّ له طريقة تخزينٍ خاصّة ومعيّنةٍ ليبقى صالحاً للإستخدام».

«Remdesivir» والاعتماد الملتبس!

«اللِّواء» سألت عضو اللّجنة الوطنية للأمراض الجرثومية الدّكتور عبد الرّحمن البزري عن مدى فعالية «Remdisivir»، فاعتبر أنّ «أخبار ڤيروس كورونا هي الأسرع وقعاً حاليّاً، وفي كلّ مرّةٍ تنتشر أخبارٌ عن دواءٍ جديدٍ في أميركا أو أوروبا أو الصين، يصل على الفور إلى باقي الدّول، و«Remdesivir» تمّت الموافقة عليه مؤخّراً من إدارة الدّواء الأميركية»، لكنّه أشار إلى أنهم «في لبنان باشر كثيرون باستخدامه قبل الموافقة، نتيجة الدّراسات التّي أظهرت أنّه من الممكن أن يكون ذو فعاليّة وفائدة وفقاً للتّوقيت الّذي يستخدم فيه».

د. عبد الرحمن البزري

ويضيف البزري «في لبنان، سعى كثيرون لشرائه من مصادر مختلفة، بعضها مشروعٌ كشركات توزيع الدّواء الأصلية وبعضها لا يُعرَفُ مدى جودة الدّواء لديها، أي مصنّعٌ في دول غير مصرّح لها من قبل منظّمة الصحة العالمية بتصنيعه»، موضحاً أنّ «مصر هي الدّولة العربية الوحيدة المصرّح لها بتصنيع هذا الدّواء شرط استعماله داخلياً فقط أو تصديره الى دول فقيرة».

سعر السّوق السّوداء أكثر بـ 6 أضعاف

وأضاف بزري: «للأسف، لبنان لم يصنّف حتى الآن في مفهوم البنك الدّولي دولة فقيرة، لذلك، إذا طلبنا هذا الدّواء فسيصلنا الدّواء الأصلي، إلاّ أن هناك صعوبة في الحصول عليه، لذلك يفتش البعض في مصادر أخرى»، ويوضح أنّه «بفعل طلب هذا الدّواء والحصول عليه بطريقةٍ غير رسميّة، نشأت سوقٌ سوداء وأصبح سعره باهظاً جدّاً قياساً على سعره الإعتياديّ، وبات بمعدّل 600$ دولار للجرعة الواحدة في حين سعره الرّسمي هو 600$ لكلّ ستّ جرعات منه، أيّ أصبح سعر إبرة واحدة منه بسعر العلاج الكامل».

إجراءاتٌ لمنع الإحتكار

وبعد سؤاله حول الإجراءات التّي يتم اعتمادها من قبل وزارة الصّحة لمنع احتكار هذا الدّواء، أكَد أنّ «هناك إجراءات اتّخذت لمنع التهريب من السّوق الرّسمي الى السوق السّوداء، من بينها أن يكون فحص الـ PCR متوافقٌ مع إسم المريض وصورة هويّته وورقة توثق أنّه موجودٌ في المستشفى، إضافةً الى بعض الفحوصات التّي تحدّد أيضاً قدرة المريض على استعمال هذا الدّواء أو عدم قدرته على استعماله، وأن يكون المريض قد أجرى فحص الـ PCR منذ أقل من أسبوعين». وبذلك تمنع هذه الآلية إمكانية أي أحد من شراء الدّواء عبر وصفة حكيم فقط للذّهاب وبيعه في السّوق السّوداء.

وأفاد بأنّ «منظّمة الصحة العالمية الآن، تقوم بدراسة على هذا الدّواء، ومعلوماتها الأولية تقول بأنّ «Remdesivir» ليس لديه فعاليّة تبرّر سعره رغم أنّ الدراسات في أميركا ووكالة الدّواء الأوروبية تقول بأنّه فعّال إذا أعطي في بداية الإصابة». ويشدّد البزري «كأطبّاء، نسعى إلى عدم حرمان المرضى من الدّواء رغم صعوبة الوضع، ولا نعتبره ضارّاً بل له فعاليّة إذا أعطي في ظروفٍ صحيحةً».

الحلّ يبدأ من منظمة الصحة

ورأى البزري أنّ «جزءاً من الحلّ مرتبطٌ بمنظّمة الصحة العالمية، أي في حال إقرار هذا الدّواء يصبح بالإمكان شراءه بشكلٍ مدعومٍ لشريحةٍ كبيرةٍ في لبنان، وللاّجئين الفلسطينيين والسّوريين عبر الأونروا والـ UNHCR»، وتابع: «يجب أن يتشبّع السّوق اللّبناني بالدّواء الشّرعي وذلك مرتبطٌ بعلاقة الوكيل بالشّركة. وكي لا نضع اللّوم على الوكيل وحده، لا بدّ من ذكر الشّروط الصعبة التّي يضعها مصرف لبنان على فتح الإعتمادات».

«7 مليارات إنسان يواجهون الجائحة ذاتها، يريدون الحاجات ذاتها وفي الوقت ذاته»، جملةٌ ليس فيها شيءٌ من التّهويل، إنّما هي واقعٌ مريرٌ يعيشه الجميع اليوم، لتبدو مشكلة السّوق السّوداء التّي نشأت على دواء «Remdesivir» في لبنان صغيرةً أمام هول الجائحة التّي يشهدها العالم أجمع، إلاّ أنّها مُعيبةٌ بحقّ سلطةٍ عاجزةٍ عن تأمين دواءٍ فعّالٍ لمرضاها بكميّاتٍ وفيرةٍ وبأسعارٍ خاليةً من الإحتكار والإستغلال. المواطن اللّبناني اليوم مهدّدٌ برفع الدّعم عن دوائه العادي أيضاً، أي أنّ مشكلته لا تقف فقط على شحّ الأدوية الفعّالة ضدّ كورونا فقط، بل في وصولها إلى دوامة السّوق السّوداء أيضاً!