بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 نيسان 2022 12:01ص الصيام وأثره النفسي على نمو شخصية الطفل

حجم الخط
لا شك أن الصيام هو واجب ديني ويُعتبَر من أهم فرائض الإسلام، بدأ صيام المسلمين مع بداية شهر رمضان المبارك منذ بضعة أيام وتلازم ذلك مع صوم إخوتنا المسيحيين أيضاً.

ونلاحظ أحياناً أن بعض الأطفال يطلبون مشاركة أهلهم في الصيام، بطبيعة الحال فالطفل يحب أن يقلّد والديه ومن هم أكبر منه سنّاً ليظهر قوته وقدرته على التحمّل.

ونحن كأهل غالباً ما نرفض ذلك ونقول لطفلنا: «لا، لا يمكنك أن تصوم فأنت ما زلت صغيراً» أو «الدواء لا يُفطر، السندويش عند الفطور الصباحي لا يُفطر»... وبحسب علم النفس هذه من المقولات الخاطئة والتي يتوجب على الأهل تجنّبها تماماً.

فهل تعويد الأطفال على الصيام له فوائد نفسية تسهم في نمو شخصيته؟..الإجابة هي نعم، في الحقيقة يجب أن نتعامل مع الطفل بحسب عمره.

فهو إذا ما تخطّى السبع سنوات يمكننا أن نسمح له مشاركتنا في الصيام إلى حين موعد أذان الظهر مثلاً أو أذان العصر أو في وقت محدد يختاره الأهل بحسب الظروف الخاصة بالطفل والأسرة.

وأيضاً يتوجب علينا أن نفسّر له أن هذه طريقة الصيام المناسبة لصحته ولعمره، وأن الله يتقبّل صيامه بهذه الطريقة.

على الصعيد النفسي.. بماذا يفيد تعويد الطفل على الصيام في سن مبكر؟..

من المعروف أنّ الصيام هو تعويد النفس على الصّبر وعلى تحمّل الجوع والعطش في سبيل طاعة الله، ولكن نفسياً فهو يسهم في تعويد الطفل على ما نسمّيه في علم النفس «مبدأ تأجيل الحاجات والرغبات».

فنحن كمعالجين نشخّص «الحالة العصابية» بأنها شخصية واقعة تحت ضغط ما تفرضه عليها «الأنا الأعلى» (الممنوعات، المحرّمات، الدين، الأهل، المجتمع) مقابل ما تطلبه «الهو» وهي (الرغبات والحاجات) بينما «الشخصية الذهانية» فهي لا تعرف «مبدأ التأجيل» وكل ما تحسّه أو تشعر به أو ترغب في فعله، فهي تقوم به فوراً وتشبع حاجاتها مهما كانت وفي أي مكان أو زمان حتى لو في مكانٍ عام دون أي تفكير أو تأجيل..

لذلك إن التربية الوالدية يمكنها أن تستعين بالصيام لتعويد الطفل على مبدأ تحقيق الرغبات والحاجات لينمو نفسياً بطريقة سليمة وصحية ولتتكوّن لديه شخصية سويّة، ولكن علينا أن نمتنع تماماً عن إستخدام الصيام كعقاب له أو إجباره عليه.

بل يمكننا دائماً استخدام عبارات مفيدة تخدم ما طرحناه خصوصاً إذا ما شعر طفلنا بالجوع مثل (أعلم أنك الآن جائع ولكن أنت صائم لذا عليك الانتظار الى أن يحين موعد الطعام) أي الاذان أو الوقت المحدد للطفل من قبل الأهل، فبذلك يعلم هو الوقت المسموح به للطعام ويعتاد على الصبر لتحقيق حاجته في الوقت المناسب لها.

أيضاً يمكننا أن نعوّده على الصيام عن المأكولات المحببة لديه أي الحلويات وليس فقط الطعام (الوجبات الرئيسية) وهذا أيضاً يعود للمعتقدات والظروف الخاصة بكل أسرة كما ذكرنا.

وفي الختام وبالعودة إلى عبارة ذكرناها أعلاه، علينا أن نمتنع تماما عن القول له: هذا النوع من الطعام لا يُفطر أو الدواء مثلاً... لأننا هنا نحن بدلاً من أن ننمّيه نفسياً بشكل سليم نكون في طور إكسابه عادات أخلاقية غير سويّة مثل الكذب والتحايل.

* أخصائية نفسية