شهد لبنان حروبًا مختلفة على أرضه، خسر شهداء،ودفع أثمانًا طائلة عبر التاريخ، كما عانى اللبنانيون من الفقر والعوز والضائقة الاقتصادية، منهم من هاجر ومنهم من بقي يواجه الصراعات والفتن الحاصلة على أرضه. اليكم نطرةً تاريخيةً سريعة وشاملة لمختلف الحروب الحاصلة في لبنان مع استاذ التاريخ والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية د.عماد مراد وكيف واجه اللبنانيون الضائقة الاقتصادية خلالها،وفي اتصال مع "اللّواء" أجاب على الاسئلة التالية:
١- هل يمكن ان نشبّه الوضع الاقتصادي الراهن بمرحلة معينة من تاريخ لبنان؟
الوضع الاقتصادي الذي يمر فيه لبنان في الوقت الراهن هو الاوّل من نوعه بتاريخ لبنان الحديث والمعاصر. على الرغم انّ لبنان شهد العديدَ من الحروب والازمات والفتن الداخلية والخارجية، الا انه وللمرة الاولى، يصيب لبنان وضعًا اقتصاديًا سيئًا وهو في حالة سلام واستقرار من الناحية الامنية.اذًا الوضع السياسي أثّر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي.
٢-تاريخيًا، كيف كان المشهد الاقتصادي بين ١٩١٥ و١٩١٧ وكيف واجهه اللبنانيون؟
الازمة الكبرى والمجاعة التي ضربت لبنان بين ١٩١٥ و١٩١٧ هي الاقوى بتاريخ لبنان،حيث شهد حينها لبنان عددًا هائلًا من الجيّاع والفقراء والشهداء جرّاء الحرب والمجاعة،والسبب هو الحصار البحري والبري ،الجراد والجفاف والاحتكار اضافة الى طغيان الجيش العثماني على البلاد واستعمال الادوات الزراعية والسخرة فكانت تلك المرحلة الاصعب بتاريخ لبنان حيث راح ضحيتَها ثلثُ سكان لبنان اي ٢٠٠ ألف بين قتيل وجريح. اذًا لا مجال للمقارنة بين الحرب العالمية الاولى والازمة الاقتصادية خلال انتفاضة ١٧ تشرين.
٣- هل عانى اللبنانيون من العوز والمجاعة خلال الفترة الممتدة بين ١٩٥٢ و ١٩٥٨؟
خلال الفترة الممتدة بين الثورة ضد الرئيس بشارة الخوري سنة ١٩٥٢ ،وسنة ١٩٥٨ بنهاية ولاية الرئيس كميل شمعون ، لم يشهد اللبنانيون وضعًا اقتصاديًا سيئًا بل فقط غلاء معيشي في سنة ١٩٥٨ ، لا يتعدى ال ١٠٪ عندها تكدّر اللبنانيون بسبب الغلاء ولم يقتصر ذلك على المواد الغذائية بل فقط انقطاع لبعض المواد الغذائية المستوردة او الفيول.اذًا لم تصل الازمة لما وصلت عليه اليوم.
٤- ماذا عن المرحلة الممتدة بين ١٩٦٠ و١٩٧٥ في تاريخ لبنان،هل شهد اللبنانيون ضائقة اقتصادية وحصارًا؟
خلال تلك المرحلة،مرّ لبنان بازمات اقتصادية عدة. سنة ١٩٧٥ كانت الحرب مباشرة بين حزب الكتائب والفلسطينين ولكن لم تنقطع المواد الغذائية من الاسواق بل على العكس شهدنا انّ الموانئ البحرية ، يعتمد عليها اللبنانيون لتهريب المواد الغذائية من الخارج.وشهد لبنان حالات نادرة بين ١٩٧٥ و١٩٧٨ ، حرب المئة يوم اي انقطاع المواد الغذائية والهجوم على الافران ومحطات الوقود لتعبئة البنزين ولكن ليس لفترة طويلة وكانت الشائعات حينها مقصودة لتحقيق التجار أرباحًا طائلة.
٥- المرحلة الممتدة بين ١٩٨٢ و١٩٩٠،هل شهدت ضائقة اقتصادية خانقة وخصوصًا خلال الحرب؟
بعد ١٩٨٢ تاريخ الاجتياح الاسرائيلي و١٩٨٥ الاشتباكات الداخلية لدى المسيحيين والمسلمين و١٩٨٨ حربَي الالغاء والتحرير بين الجيش اللبناني والجيش السوري، حصلت بعض المشاكل الاقتصادية أكثرها تأثيرًا خصوصًا من ١٩٨٣ الى ١٩٨٤ عندما ارتفع الدولار من ٣ ليرات الى ١٠٠ خلال سنة،فبدأ بوتيرة تصادية حتى وصل سنة ١٩٨٩ و١٩٩٠ الى ٣٢٠٠ ليرة لكن الاهم من ذلك، لم يُفقد الدولار من السوق اللبناني ولم يحصل خلال تلك السنوات السالفة الذكر، ان فُقدت العملة الاجنبية او العملة اللبنانية، كما انّ مصرف لبنان لم يتخذ قطّ اجراءً مماثلًا لل hair cut او الاقتطاع من اموال المودعين،ولم يهدَّد مصرف يومًا إن كان بالسلاح او الاقتصاد او من حاكم مصرف لبنان.
اذًا منذ اعلان دولة لبنان الكبير سنة ١٩٢٠ وحتى اليوم بعد ١٠٠ عام لم يعرف لبنان ضائقة مالية أقوى من تلك التي يشهدها في الوقت الراهن.
المصدر: اللّواء