بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 شباط 2019 12:00ص جورج زريق «انتحر» وغيره كُثُرٌ فيما السياسي يلهث وراء مصالحه

حجم الخط
نجح السياسي في اجتياز مرحلة الانتخابات، ووصل إلى المجلس النيابي. دخل وأدخل البلد معه في دوامة تشكيل الحكومة، وبعد 9 أشهر تشكّلت الحكومة، التي لم تكشف عن أي جديد في الأسماء، وبدأت وكعادتها بإطلاق الوعود الطنّانة الرنّانة، من مشاريع إنمائية، وتطوّر اقتصادي ملموس، وتأمين فرص العمل للآلاف من الشباب، فضلاً عن مؤتمر «سيدر»، وما يمكن أنْ يحقّقه من إنجازات، لكن جاء انتحار جورج زريق في باحة مدرسة إبنته، هرباً من الأقساط المدرسية، التي لم يعد يتحمّلها، ليثبت مرّة جديدة أن المواطن في هذا البلد يعيش في وادي اليأس والفقر والعجز، بينما يعيش السياسي في أبراجه العاجية، ولا يعلم شيئاً عن حقيقة معاناة الشعب، حتى وإنْ تناولها في خطاباته، إلا أنّه حتماً لا يعيش فصولها، وليس باستطاعته تلمّس ما يشعر به «المواطن الفقير» حينما يعجز عن تأمين لقمة عيشه.
ففيما نوّاب الدولة ووزراءها مشغولون بمنح الثقة لأنفسهم، يفترش المواطن الطرقات تعبيراً عن غضبه من الوضع القائم، لكن يبقى السؤال المطروح: هل سيستجيب أكبر عدد من المواطنين للدعوات التي توجّه إليهم «للنزول إلى الشارع»، بهدف الضغط على الدولة أو ربما الانقلاب عليها «بثورة مشرّفة» تُعيد للمواطن كرامته، التي أُزهِقَتْ على أبواب السياسيين، طلباً لـ»فتات الخبز» الذي يسد به جوعه؟!
اعتصام ساحة النور
في ساحة النور بمينة طرابلس، نُصِبَتْ الخيم استعداداً لإطلاق التحرّكات في وجه السلطة الظالمة، وتعبيراً عن عدم الثقة بالحكومة، التي تضرب بعرض الحائط كل الأصوات التي تعلو من هناك وهناك، رفضاً لها ولفسادها، فهل ستنجح خطوات الشعب هذه المرّة؟
علامات استفهام كثيرة ترتسم حول المرحلة المقبلة، التي يصفها البعض بـ«الحاسمة».
{ القيادي في حزب «7» مالك مولوي قال: «طبعاً لا ثقة بالحكومة الحالية، فكل حكومة تأتي بنفس العناوين المتعلّقة بمكافحة الفساد والإصلاح والتغيير، فلماذا علينا تصديقها اليوم؟. الشعب اللبناني أُصيب بالكثير من خيبات الأمل، البلد يسير نحو الوراء، الدين العام يزيد، ويُقابل ذلك الفقر والبطالة المستشرية، جميعنا نشهد يومياً على حالات الانتحار والإضراب عن الطعام، فهل هذا هو المطلوب؟!».
مدينة الحياة 
{ الزميل عمر السيد، الذي يشرف على خيمة «حرف» قال: «لم يعد بالإمكان تحمّل الوضع، فإلى جانب الانتحار هناك تزايد في نسبة الجلطات والذبحات القلبية، وكلّها بسبب الوضع السيىء، الذي تتخبّط به الغالبية العظمى من المواطنين. هنا تكمن الخطورة، وعليه فإنّنا نطالب السياسيين في طرابلس، أقله لو يتنكّرون وينضمون إلينا كي يسمعوا شكاوى الناس ومعاناتهم. قد لا يصدّق البعض بأن هناك رجالاً يتوسّلون لقمة عيشهم. رجال فقدوا كل احترام عائلاتهم بسبب العوز، فمَنْ المسؤول عن هذا الوضع؟، حينما يفقد رب الأسرة احترامه وقدرته على ضبط العائلة، فأي مستقبل ينتظرنا؟. طبعاً المجتمع في حالة تدهور مستمر، وإزاء ذلك يتهموننا بالتخلّف والإرهاب والمخدّرات، ويضاف إلى كل ذلك اليوم هذه الخيم، مع العلم بأنّ البعض أقام الخيم في وسط بيروت لأشهر طويلة، ولم يلق الانتقادات التي نلقاها اليوم، بالأمس سمعنا كيف أنّ البعض يطالب بمنع بيع «الخمور» في طرابلس، ما يعني أنّ هناك خموراً وليست مدينة قندهار كما يقولون، فليتفقوا على تسمية ليرتاحوا ونرتاح».
«خيّط فمه»
{ فادي إبراهيم رعد، الذي اعتصم في ساحة النور، وعمد إلى «تخييط فمه» تأكيداً على إضرابه عن الطعام، قال: «نزولاً عند رغبة الأحبّاء من المواطنين، الذين وقفوا الى جانبي طيلة الأيام الماضية، قمت بفك إضرابي عن الطعام، وقرّرنا متابعة المسيرة لتحقيق الثورة المرجوة بهدف التخلّص من السلطة الحاكمة، طبعاً سنستمر بالكلمة والاعتصام والتمرّد في وجه السلطة الفاجرة. مآسينا كبيرة وحياتنا صعبة جداً، جرّاء الفقر المستشري والحرمان المزمن، كفانا انتهاكات لحقوقنا».
أولاد بلا مدارس
{ فادي تامر (أب لثلاثة أولاد) قال: «لا أمل في الحكومة الجديدة، والتفاؤل معدوم في ظل اليأس القاتل، في كل مرّة تُطلَق الوعود، لكن عبثاً نتأمّل خيراً. منذ حوالى السنتين وأنا بلا عمل، ولهذا السبب بات أولادي بلا مدرسة، فأين هي أبسط حقوقي؟؟ لا يمكنني إرسالهم حتى إلى المدرسة الرسمية، ليس لديَّ القدرة على متابعة الحياة بهذا الشكل».
وتابع: «أعمار أولادي متوزّعة بين 13 و18 و19 أي عمر الشباب، فما المتوقّع منهم مستقبلاً؟، لا أخفي سرّاً بأنّني حاولت الانتحار، لكنّني لم أفلح بسبب خوفي. أريد البقاء إلى جانب أولادي. أريد فرصة عمل من شأنها أنْ تحفظ لي كرامتي، وإزاء ذلك أقول «جورج زريق مسكين»، وبإمكاني تفهّمه في الوقت الذي ينتقده الكثير من الناس كونهم لا يعيشون مأساته، أشعر به لأنّني أعيش نفس حياته، وهذا ما دفعني للنزول الى الشارع وسأبقى فيه لحين تحقيق مطالبنا».
وختم: «هناك نسبة كبيرة من الناس تعيش نفس حياتنا، إلا أنّها تخاف من الشارع لذا هي غير موجودة الى جانبنا».