بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 أيلول 2022 12:00ص حرب أوكرانيا تُنغِّص حياة الأوروبيين وشباب لبنان يدفع ضريبتي جهنم والهجرة

حجم الخط
تكاد تداعيات الحرب في اوكرانيا تطاول كل اوروبا، حيث ان العديد من دولها يتهيأ لشتاء صعب بسبب ازمة الغاز الروسي الذي انقطع عن هذه الدو ل بنسبة كبيرة ويكاد ينقطع تماما اذا ما استمرت انابيبه مقفلة بعد قرار شركة غازبروم الروسية مؤخرا.
لم يشعر المواطنون الاوروبيون بمثل هذه الازمة منذ فترة غير قصيرة، فهم يدفعون ضريبة حرب اوكرانيا التي انفجرت وطاولت شظاياها ابعد من هذا البلد الذي تحول الى جبهة امامية اميركية وغربية في وجه الروس.
بعد اشهر طويلة من هذه الحرب ارتفعت التحذيرات في كثير من الدول الاوروبية من انعكاس ارتفاع اسعار الغاز وتعذر توفير الكميات الكافية منه، خصوصا على قطاع الكهرباء والتدفئة.
وتتفاوت تداعيات هذه الحرب بين الدول الاوروبية. فعلى سبيل المثال تبدو الازمة على فرنسا اقل وطأة من دول اوروبية عديدة مثل المانيا او التشيك او بولونيا وحتى بريطانيا المتشددة في مواجهة الروس.
فبعد اندلاع الحرب والرد الروسي على العقوبات الاوربية بدأ يرتفع سعر مادتي البنزين والمازوت بشكل تدريجي وسريع حتى وصل قبل شهرين الى الذروة والى ما يقارب ضعف السعر ما قبل الحرب، ثم اخذ يتراجع حيث سجل مؤخرا تراجعا ملحوظا لكنه بقي اعلى من سعره السابق بنسبة غير قليلة. 
وامتدت تداعيات هذه الحرب على العديد من المواد الغذائية والسلع، فسجل سعر الزيت زيادة تجاوز الخمسين في المئة كما ارتفع سعر الارز بنسبة مماثلة تقريبا بينما ارتفعت اسعار المواد الغذائة الاخرى بنسب ضئيلة للغاية، كذلك ارتفعت اسعار الخضار والفواكه بشكل ملحوظ.
لكن ارتفاع سعر المحروقات لم يؤثر على كلفة النقل التي بقيت مؤمنة بالاسعار المحددة ما قبل حرب اوكرانيا، لا بل ان الجهات الفرنسية المسؤولة تواصل توسيع شبكات النقل العام في مختلف المدن والمناطق كما يحصل الان في مدينة مونبيلييه الجنوبية حيث تقيم السلطة المحلية فيها خطا خامسا لقطار النقل ( الترام )، عدا عن زيادة وتوسيع النقل عبر الباصات الكبيرة.
صحيح ان فرنسا تبدو اكثر قوة في مواجهة تداعيات حرب اوكرانيا من غيرها من الدول الاوروبية، الا ان آثار هذه الحرب تزيد الاعباء الحياتية وتخلق اوضاعا صعبة على صعيد فرص الوضع المعيشي وفرص العمل.
وفي غمرة هذه الاوضاع سجلت في الاشهر الماضية نسبة غير قليلة من المزيد من هجرة الشباب اللبناني الى فرنسا، ويكاد اللبنانيون اليوم ينتشرون في كل الندن الكبرى والوسطى ومعظم المناطق جنوبا وشمالا ووسطا، وغربا وشرقا، ومنها باريس وليون ومرسيليا وتولوز ومونبيلييه التي تزايد عدد الطلاب والشباب اللبناني فيها بشكل كبير نسبة للعدد الذي كان فيها منذ سنوات.
وما زال الشباب والطلاب اللبنانيون يتوافدون الى مدينة مونبيلييه عشية بدء العام الدراسي الجامعي، حيث تعتبر من ابرز المدن الجامعية في فرنسا.
اعداد هؤلاء تضاعفت وكذلك صعوبة اوضاعهم في ظل الانهيار المالي والاقتصادي اللبناني وتدهور الليرة وصعوبة تامين كلفة معيشتهم ومتابعتهم لدراساتهم الجامعية.
ويضطر عدد كبير منهم للتفتيش عن العمل لكي يتمكنوا من تامين كلفة بقائهم في فرنسا، ويواجهون اليوم صعوبات اضافية بسبب الاوضاع الناجمة عن تداعيات الحرب في اوكرانيا.
ورغم المعاناة الا ان معظمهم ان لم نقل جميعهم يسعى ليلا نهارا ويسابق الوقت لتامين فرصة عمل في اي مجال، ونجح العديد منهم في العمل بمطاعم ومقاهي ومحلات تجارية متنوعة، ومنهم من عمل في مؤسسات اجتماعية وغيرها.
ويقول شاب من الشمال انه خسر سنة دراسية بسبب انشغاله في العمل، وهو سيركز هذا العام على دراسته اكثر بعد ان أمن مصروفه من العمل على مدى عام كامل ومتواصل.
وتقول شابة من الجبل انها ستسعى بكل قوتها لتامين عمل لها يساعدها على البقاء في فرنسا لانها لن تعود الى جحيم لبنان مهما كلف الامر.
وتؤكد شابة من بيروت، تنهي دراسة الصيدلة هذا العام، انها لا تنوي العودة الى لبنان وستبقى للعمل في فرنسا في مجال تخصصها، لكنها تعمل اليوم في سوبرماركت لتامين كلفة عيشها ودراستها.
ولا يكتفي عدد من الطلاب والشباب بتامين معيشتهم رغم قلة الاجور التي يتقاضونها، بل يرسلوا الى اهلهم ما يمكن ان يوفروه من مال لمساعدتهم على الحياة وجحيم لبنان.
ولا تقتصر الهجرة اللبنانية على الشباب فهناك عائلات هاجرت الى فرنسا في السنوات الثلاث الاخيرة وانخرطت في الحياة والعمل، ومنهم من فتح مطعما او مقهى صغيرا، وعلى سبيل المثال زاد عدد المطاعم اللبنانية فى مونبيلييه على الثمانيةبعد ان كان ثلاثة.
هرب شباب لبنان من جهنم لبنان طلبا للعلم وللاستمرار والتفتيش عن حياة كريمة، الا انهم لا يقضون اجازة في جنة اوروبا كما يتصور البعض. لكن تبقى الصعوبات والمعاناة في بلد المهجر اقل بكثير من لبنان الذي يقاصص اليوم من كل الجهات، ويرزح تحت لعنة خبيثة.