بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 نيسان 2020 06:00م «طاقة ايجابية لا تحتاج لتمويل كبير».. ما هي الخطة الأنسب للصمود بوجه «الأزمة المتكاملة»؟

الصائغ لـ«اللواء»: نحتاج الى سياسة عامة تربط بين المستويات الصحية والإقتصادية والإجتماعية

لبنان في مرحلة التفاعل مع الأزمة لبنان في مرحلة التفاعل مع الأزمة
حجم الخط
ترزح البلاد تحت ظل أزمات متتالية تنال من ما تبقى من استقرار داخلي لدى الشعب اللبناني الذي ينازع للصمود بوجه ما يهدّد صحته، ولقمة عيشه، في آن معًا. لذا فالصمود المطلوب الذي يحتاج الى أسس ينطلق منها، هو المحرك الأساس لأي خطوة نحو النهوض مجددًا، فكيف توفّر هذه الأسس؟ وما يحتاجه لبنان اليوم للانطلاق برحلة الألف ميل؟

لا شك أن توصيف رئيس الجمهورية ميشال عون، خلال الاجتماع الأخير مع ممثلي دول مجموعة الدعم، لواقع الحال في لبنان الذي يتعايش مع أكبر الأزمات العالمية على أرضه، يُظهر صعوبة المرحلة وهشاشة القرار اللبناني المنفرد للمعالجة، إلا أنه ورغم ما يعانيه البلد من قبل جائحة «كورونا» وخلالها، لا يعني نهاية الأمل بالنهوض اذا صحيت الضمائر.

الخبير في السياسات العامة زياد الصائغ، اعتبر في حديث مع «اللواء»، أن ما تقوم به الحكومة اللبنانية، هو اجراءات وتدابير مرتبطة بالأزمة، ولكن ما نحتاجه هو سياسة عامة أكثر تكاملًا، أي بربط المستويات الصحية والإقتصادية والإجتماعية.

5 تحركات مطلوبة

يشرح الصائغ كيفية ربط هذه المستويات ببعضها لانتاج سياسة عامة متكاملة، انطلاقًا من 5 تحركات، سقط منها تحركين أولين وهما التحرك الإستباقي، والتحرك الوقائي. وبقي تحركات 3 وهي على المستوى التفاعلي، والمستوى الإنتقالي، ومستوى التعافي من الأزمة.

واعتبر أن لبنان فشل في المستوى الاستباقي، لأنه كان بحاجة لاعلان حال الطوارئ بشكل سريع، أما على مستوى التحرك الوقائي، فلبنان بقي بحال التعبئة العامة التي كان يجب أن تتحول الى طوارئ.

أما اليوم، فنحن في حالة التفاعل مع الأزمة، أشار الصائغ أننا في هذه المرحلة نفتقد الصورة الكاملة، فنحن نتعامل مع التدخل الصحي والاستشفائي، ولكن ماذا عن التدخل الإقتصادي لانقاذ القطاعات التي تنهار عمليًا؟ وماذا عن التدخل الإجتماعي؟

وسأل أيضًا في الشق الإستشفائي، لماذا لم ندخل بعد الـ rapid test؟ ولماذا نكلّف المواطنين قيمة الفحص في ظل تعطل أعمالهم؟ مما سيؤدي الى نسب فحوصات قليلة قد تنذر بالأخطر. معتبرًا أن هذه المسائل اضافة الى تأخير دفع مستحقات المستشفيات الخاصة، ونقص الدولار الذي يحد من عمليات الاستيراد، وغيرها من الأمور في الشق الاستشفائي مرتبطة بسياسة عامة لها بعد اقتصادي واجتماعي.

ورأى الصائغ أن هذه الأزمة قد تستمر لـ 6 أشهر، وستحمل تحديات اقتصادية وصناعية ومعيشية يصعب ضبطها، وهذه المسائل يجب أن تحل بحوار إقتصادي إجتماعي مع الجسم الصناعي والتجار، مع دراسة هادئة لارساء مفهوم التعاضد الإجتماعي بهذه المرحلة.

وفي ما يخص الشق الإجتماعي، طالب الصائغ بتوضيحات حول آلية توزيع المساعدات التي أقرت، مؤكدًا أن التوزيع لمرة وحيدة لن يكن كافيًا للصمود.

VDL Radio station 100.3 - 100.5 FM
خبير السياسات العامة زياد الصائغ

لا نحتاج الى تمويل كبير

خلال تفنيده للمراحل التي يجب العمل على أساسها لانتاج سياسة عامة ناجحة ومتكاملة للتعامل مع الأزمة الشاملة، أفاد الصائغ أننا لا نحتاج الى تمويل كبير، فأساس الاشكالية لا يكمن فقط بالأموال، بل بالمنهجية المتبعة لادارة الأزمة.

واعتبر أنه كان على المسؤولين تقديم خطة عمل لمجموعة الدعم الدولية، عبر الـ powerpoint اذا أمكن، لعرض فعليًا ما نحتاجه على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وما سنقوم به من اصلاحات وجدولة لبرنامج العمل. مشيرًا الى أن الأزمة مفتوحة ويجب توضيح هذه الأمور حتى للرأي العام اللبناني.

طاقة ايجابية

في معرض الحديث عن قدرة الشعب اللبناني على الصمود، يعتقد الصائغ أن هناك طاقة ايجابية عبارة عن طاقة تفكير مع كل من يستطيع في البلد أن يساهم في عملية الانقاذ بشكل شفاف ومتكامل الأبعاد بين الصحي الإقتصادي والإجتماعي، بعيدًا عن تكليف اللجان والإستعراضات.

مشيرًا الى أن هناك امكانية لتجسيد هذا الأمر، عبر ارساء القليل من التواضع والهدوء من السلطة السياسية، والكثير من العمل الصامت لاعادة التوازن بين القطاع العام المنظم والمخطط، والقطاع الخاص المنتج والمبتكر. مشددًا على دور أساسي أيضًا للمجتمع المدني رقابيًا، والمجتمع الأهلي لخلق جو من التعاضد بين فئات المجتمع، وارساء مفهوم مساعدة الآخر ضمن الإمكانات المتوفرة.

وختم الصائغ مناشدًا المعنيين للسير بخطة مركزية واضحة وشاملة، لتنفذ بشكل لا مركزي من خلال البلديات ضمن اعلان حال الطوارئ تستخدم التعبئة العامة بشكل منسق، بالإضافة الى استخدام الإعلام الرسمي بشكل متزن، مطالبًا بقليل من الكلام وكثير من التواضع وفائض من الفعالية الهادئة ضمن منطق السياسات العامة الغائب حتى اللحظة.