بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تموز 2019 12:03ص طرابلس وحفرياتها.. إلى الخلف در في طينال

أعمال بدأت.. والله وحده يعلم متى تنتهي أعمال بدأت.. والله وحده يعلم متى تنتهي
حجم الخط
لم يُخف وليد قدور صاحب محل لفرط السيارات في منطقة باب الرمل، مقابل جامع طينال، غضبه من أعمال الحفريات القائمة في الشارع منذ ما يقارب الشهرين، بهدف تأهيل البنى التحتية، والتي ظنَّ قدور خاطئاً بأنها لن تستمر لأكثر من أسبوعين، نظراً لمساحة الشارع الضيقة، والتي لو ثابر العمّال على إنجاز مهامهم فيه بأسرع وقت لما طالت المدّة الزمنية.

قدّرو قال: «يومياً نأتي لنجلس أمام المحلات نتسامر، ومن ثم نقفل الأبواب، ونعود أدراجنا الى منازلنا من دون أن «نضرب أي ضربة»، بالطبع الأمر من شأنه الانعكاس سلباً على أوضاعنا الاقتصادية السيئة أصلاً فكيف مع تعطيل قسري؟»، مضيفاً: «الإيجارات مرتفعة في المنطقة ما يدفع أصحاب المحلات الى الامتعاض من الشركة المتعهدة، ويومياً هناك مشاكل بينهم وبين العمال، الذين لا أحملهم المسؤولية، وفي حال قرّرنا الاعتراض فإلى مَنْ نلجأ وأحد لن يسمعنا، كون المشروع قائم بكل أزماته، وأحد لن يوقفه!».
إزاء هذا الواقع بات من الواجب الإقرار بأنّ «مجلس الإنماء والإعمار» يُمعِن في إغراق مدينة طرابلس بالحفريات، تحت شعار تنفيذ واحد من أهم مشاريع البنى التحتية في المدينة، وهو الى جانب مهندسي الشركة المتعهدة، لا يزورون تلك المشاريع، ولا يسلكون الطرقات التي تبدو خارطة من دون ملامح، كمنطقة البولفار، التي شهدت كل أنواع التباطؤ والمماطلة، جرّاء أخطاء كبيرة ناجمة عن عدم وجود الخرائط، التي من شأنها أن توضح كل الشوائب الموجودة تحت الأرض.

لم يعد أبناء طرابلس ينظرون الى أهمية تلك المشاريع، وإن كانت مهمة، بقدر ما ينظرون الى ما ينجم عنها من مآسٍ ومعاناة يومية على الطرقات المتداخلة، والتي تحتاج الى «منجّم مغربي» للخروج منها، وبعدما تنفّس أهالي «البولفار» الصعداء، يأتي الدور على منطقة طينال في باب الرمل، التي تضم أكبر تجمّع لمحلات ميكانيك السيارات، ما يعني أزمة كبيرة بانتظار أصحاب المحلات، الذين لم يجدوا مهرباً من قدرهم سوى «التوسّل لله» بانتهاء المشروع قبل وقوع كارثة.

تأخر التنفيذ


قطع للطرقات.. وقطع للأرزاق

وتُفيد المعلومات بأنّ الشركة المتعهدة «جهاد العرب»، قد اتخذت إذن المباشرة من بلدية طرابلس منذ فترة طويلة، إلا أنها لم تبدأ إلا منذ حوالى الشهرين، بحيث عمدت الى قطع الطريق المؤدية من أمام حديقة جامع طينال، وصولاً الى باب الجامع في أول الأمر، ومن ثم قامت بقطعها مجدّداً أمام باب الجامع، مع ما رافق ذلك من أزمات سير خانقة، كون الطريق تُعد مسلكاً هاماً للقادمين من مناطق عديدة، حيث تم تحويل السير ضمن شارع ضيق جداً لا يمكنه استيعاب هذا الكم الهائل من السيارات، ما أسفر عن أزمات كبيرة لاسيما صباحاً لحظة توجه الناس الى عملهم وظهراً أثناء عودتهم.

شهران كاملان، والأعمال مستمرة، والطرقات مقطوعة في فصل الصيف، حيث درجة الحرارة مرتفعة، وبدلاً من أن تقوم الشركة المتعهدة باتباع دوامين للعمل، كما هو متوقعاً، فإنّ العمال يبدأون مع مجيء أصحاب المحلات، وينهون أعمالهم مع اقفال المحلات، وإذا ما أردنا التوجّه الى معني في الشركة لمعرفة أسباب التأخير، فإننا حتماً سنصطدم بنفس «المعلومات المتداولة» مع كل حفرية «ما من خرائط، ما من إمكانية لدوامين، المواطن معني بالمشروع وعليه دعمنا بدلاً من توجيه الانتقادات».


طرابلس تئن

الحقيقة أنّه لا يوجد أسوأ من تعاطي الشركات المتعهدة و»مجلس الإنماء والإعمار» مع طرابلس، ولا يوجد أسوأ من خنوع السلطة المحلية أمام اغتصاب هذه الشركات للشوارع والتناوب على فتحها مراراً وتكراراً، غير آبهة بقطع الأوصال أمام المواطنين الذين لا يجدون سبيلاً للوصول الى أعمالهم ومصالحهم، فيُسجنون داخل سياراتهم لساعات طويلة في زحمة سير لا تعني لا الشرطة البلدية، ولا القوى الامنية، والتي لا تواجد لها في المناطق، التي تشهد الحفريات. ربما اعتاد الطرابلسيون على مشاريع مجلس الإنماء والإعمار، التي تبدأ ولا تنتهي إلا «بطلوع الروح» مع ما يصاحب ذلك من اعتراضات واتهامات وشكوك تدور حول مدى التزام المتعهدين بدفاتر الشروط، وحول ما إذا كان هناك من جهة تُحاسب أو تسأل عن الأموال التي تُهدر من حصة المدينة؟؟

استهتار المتعهدين الذين يغتصبون ومجلس الإنماء والإعمار شوارع المدينة، يعطي انطباعا سلبيا عن كيفية التعاطي مع المدينة ومشاريعها، ويطرح تساؤلات، لجهة: هل التأخير بتنفيذ مشاريع طرابلس وعدم الإلتزام بدفاتر الشروط هو تقصير من المتعهدين؟ أم هناك تواطئ من قِبل المسؤولين؟، أم هل المطلوب من أبناء المدينة الانتفاضة للخروج من الظلم الذي يمارس بحقهم من قِبل المسؤولين في مجلس الإنماء والإعمار، الذين من المفترض أن يكونوا الأكثر قربا منهم كونهم من أبناء مدينتهم.