أين هم عمال لبنان في عيدهم؟..
ماذا بقي لهم في بلد بات فريسة للفوضى والانهيار المالي والاقتصادي والبطالة؟..
يأتي أول أيار هذا العام في ظروف يعاني فيها كل اللبنانيين والعمال وذوي الدخل المحدود خصوصا من أبشع وأشدّ أزمة شهدها لبنان منذ الحرب العالمية الأولى، ولا تظهر في الأفق أية بوادر وإشارات تدلُّ على خروجنا قريبا من هذا الجحيم.
منذ سنوات وسنوات، أخذت تغيب مظاهر هذا العيد في لبنان بسبب تراجع دور النقابات وتدجين بعضها وضعف الاتحاد العمالي الذي تحوّل الى شراكة بين قوى السلطة، وصار إطارا شكليا لا يقدّم ولا يؤخّر في مسيرة العمال والدفاع عن مصالحهم.
وتحت وطأة الانهيار الكبير الذي نعيشه تقول الإحصاءات والتقارير على تنوّعها أن عدد العمال اللبنانيين تراجع بنسبة كبيرة لأسباب عديدة أبرزها:
- إنهيار وإقفال عدد ضخم من الشركات والمؤسسات في مختلف القطاعات بسبب الأزمة المالية والاقتصادية.
- هجرة عشرات الآلاف من الشباب واليد العاملة اللبنانية بسبب الوضع المعيشي المتردّي وتضاؤل قيمة الأجور والرواتب بعد انهيار الليرة.
- ازدياد نسبة البطالة بشكل مضطرد لتصل اليوم لأكثر من أربعين وربما خمسين في المئة.
- مزاحمة اليد العاملة اللبنانية من قبل العمال غير اللبنانيين لا سيما السوريين بصورة شرعية وغير شرعية نتيجة غياب تطبيق القوانين التي ترعى تنظيم العمل أو تلك التي تحمي اليد العاملة اللبنانية.
- غياب دور الدولة الحمائي والرعائي الذي يجعل العمال في وضع صعب للغاية ويتركهم فريسة الاحتكار والابتزاز خصوصا في ظل ضعف دور النقابات وتشتتها.
وفي هذا الوضع الصعب يعيش من بقي من عمال ومستخدمين وموظفين في القطاعين العام والخاص حياة تقشّف شديد أقرب الى الجوع والفقر المدقع تحت وطأة أعباء الوضع المعيشي والإجتماعي غير المسبوق.
ورغم المحاولات الخجولة لرفع الرواتب والأجور وبدلات النقل وغيرها، يقول أحد القياديين النقابيين المخضرمين «أن العمال اللبنانيين اليوم هم أول ضحايا هذه الأزمة الكبيرة التي تمرُّ فيها البلاد، فالغلاء المتفاقم على صعيد المواد الغذائية والسلع والمحروقات، بالإضافة الى كلفة فواتير المولدات وغياب وعجز الهيئات الصحية الداعمة وفي مقدمها صندوق الضمان..
كل ذلك يجعلهم بحاجة إلى ما يفوق العشرة ملايين ليرة شهريا لتأمين الحد الأدنى من أسباب العيش بينما لا يتجاوز متوسط راتب العامل المليونين ونصف المليون ليرة».
ويشير الى أن برامج الدعم المالي التي أقرّتها الدولة متعثرة وهي لا تغطي حتى الآن سوى نسبة محدودة من الفئات الفقيرة.
لذلك من الضروري التركيز على المعالجات والحلول العملية والجديّة من خلال خطة شاملة في أقرب وقت توقف الانهيار المالي والاقتصادي من جهة وتضمن الأجور والرواتب التي تؤمّن للعمال والمستخدمين والموظفين في كل القطاعات الحد الأدنى مقومات العيش والخدمات.
كل عام وعمال بلادي بألف خير، مع التمنيات بأن نحتفل بعيد العمال القادم وسط ظروف حياتية أفضل، تؤمّن للعامل كافة حقوقه، بالإضافة للإستقرار الاقتصادي والاجتماعي المطلوب.