بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 حزيران 2020 09:35ص في لبنان.. الصّحة النفسية في مهبّ الرّيح!

حجم الخط
الانهيار الاقتصادي والاجتماعي يرخي بثقله على المواطن اللبناني كما انّ جائحة كورونا والحجر المنزلي وما يستتبعهما من ضغط نفسيّ كلّها مؤشرات سلبية لا تبشّر ببصيص أمل يُبنى عليه.اضطرابات نفسية عدة ممكن ان يشهدها المواطن نتيجة تلك الضغوطات الاجتماعية والمعيشية مثل الخوف والاكتئاب والشرود الذهني وقلة التركيز والعدوانية تجاه الاخر او تجاه الذات.وخوض معركة البقاء هو الحل الوحيد.للاضاءة على هذا الموضوع كان ل"اللواء" حديث مع المعالجة والمحللة النفسية والاستاذة الجامعية الدكتورة ماري-آنج نهرا:
١- الوضع الاقتصادي وجائحة كورونا والتعبئة العامة شكّلوا ضغطًا اقتصاديا واجتماعيًا ونفسيًا على اللبنانيين،كيف تصفون الحالتين الاجتماعية والنفسية؟وما هي سبل العلاج برأيكم؟

الوضع الاجتماعي الذي نعيشه اليوم جراء الحجر الصحي بسبب جائحة كورونا هو وضعٌ استثنائيّ في تاريخ البشرية،ومن الممكن ان يحصل هذا الامر كل مئة عام او اكثر وان ينعكس على العالم ككل.اذًا هذا المشهد حساس جدًا ويتوجب علينا تقبله بروية وهدوء وبعقل واسع ولكن هذا ما لا يُطبَّق في الأُسَر لانّ المجتمع بكامله يعيش ضغطًا قويًا وعجزًا تجاه المواجهة الواجب التسلُّح بها لتخطي تلك المصائب المتراكمة.اذًا الوباء هو الخوف من انعكاسات المرض جسديًا والخوف من تكلفة العلاج ومن الابتعاد عن الاهل والاحباء وكل ذلك يشكل ضغطًا متراكمًا على نفسية الفرد وخصوصًا اذا كان مسنًا او طفلًا لانهم عرضة اكثر للاحباط والكآبة والقلق،هذا من الناحية النفسية،
أما من الناحية الاجتماعية، فالانعزال يقطع طرق التواصل التي تؤمّن نوعًا من الطمأنينة للبشر وبالاحاطة وبالشعور انّ الآخر يعيش ايضًا المأساة نفسها ما يسبب نوعًا من الراحة لاننا لسنا بمفردنا على تلك السفينة بل الجميع منعزل في بيته. ولكن العنف الذي يحصل جراء الحجر ،والجرائم التي تُرتكب تضاعف القلق، اذًا المواطن ليس بمفرده يواجه هذه العزلة بل هو حجرٌ عالمي.بالمقابل،وفي الماضي كان الفرد يُفرغ خوفه وحزنه وضغطه النفسي خلال لقاءاته في حياته الطبيعية اليومية مثل الرياضة في النوادي والنزهات والسفر والسهرات والصلاة في الكنيسة او الجامع ما حُرم منها اليوم،لذلك نشهد احباطًا قويًا في لبنان والعالم.
اما بالنسبة الى سبل العلاج فننصح بالممكن تطبيقه اي القيام بنشاطات نادرة مثلًا رياضة لم يعتاد ان يمارسها او القراءة او الرسم،الموسيقى الغناء،الطبخ،او تعلُّم لغة جديدة والهروب من الحاضر الاليم لبناء عقله البشري الذي يتطور دائمًا حتى في اصعب الظروف وان يتجنب الافكار السوداوية او الهوس Idées fixes ou OBssession لذلك يتوجب ان نتبع تلك السبل العلاجية المفيدة للنظام اليومي لحياتنا لتجنُب الامراض النفسية.


٢- ماذا عن الاطفال والمسنين والوقاية النفسية الواجب تأمينها لهم؟
كما سبق وذكرنا انّ الاطفال والمسنين هم الاكثر عرضة للاحباط والكآبة لانّ مناعتهم تكون ضعيفة جسديا ونفسيا.
فمن الناحية الجسدية يجب اعطاؤهم وسائل الحماية والرعاية والشعور بالامان،اما من الناحية النفسية فيجب تطمينهم انّ ما يحصل من حولهم ليس خطيرًا ومن الممكن تخطّيه بفضل قدراتهم،هذا الامر سيسعدهم ويشعرهم بالامان والهدوءوخصوصًا المسنّين لانهم يشعرون انهم الاقرب الى الموت من سواهم.
اما بما يتعلق بالاطفال، ننصح بتعليمهم سبل تفريغ طاقتهم السلبية من خلال العابهم والتواصل السليم من خلال اللعب الذي هو لغتهم ولا لزوم للضغط عليهم كثيرًا بساعات تعليمية مكثفة لانهم يعيشون في اجواء مقلقة، اذًا ايها الاهالي علّموا اولادكم الاستمتاع بوقتهم.
 
د.ماري-آنج نهرا.

٣-هل تتوقعون ازدياد حالات الكآبة وحتى الانتحار في هذه الاونة الاخيرة؟

للاسف نعم نتوقع المزيد من حالات الكآبة والانتحار لانّ دولتنا ضعيفة، وشعبنا غير مؤهّل في حالات الضرورة، ووزاراتنا غير مجهّزة بالكامل وطاقم مؤسساتنا غير مدرب، فمن الصعب مقاومة تلك الضغوطات وخصوصًا في بلد مثل لبنان. فالازمة الاقتصادية والوبائية اذا صحّ التعبير طالت دول العالم الا ان باقي الدول من الاسهل ان تستعيد نهوضها اقتصاديًا بينما في لبنان الوضع صعب بسبب الظروف التي تحيط به. نتوقع الكآبة المضاعَفة والمزيد من الاضطرابات،لكننا نتوقع بالمقابل المزيد من التضامن والتكاتف بين أفراد الشعب اللبناني لمساعدة بعضه البعض.

٤-اهم النصائح التي توجهونها للمواطنين اللبنانيين لتخطي هذه الفترة العصيبة؟

ندعو الى التوعية من أجل نشر الإدراك والوعي أكثر من العادة لتخطي هذه المشاكل يدًا بيد. ننصح بالابتعاد عن الانقسامات والسجالات التي لا فائدة منها إلا نشر الخلافات بين الاحزاب والسلطة والثوار، وبغياب الفكر الموحّد او المنطقي،من الافضل ان نقف حذرين لكي لا نضاعف الخطر.
نحن بحاجة الى انضباط والى عقل يعمل باتزان، وأي تهوُّر ممكن ان يورّط الشعب لذلك يرى مجتمعنا اليوم بخطر على كافة الاصعدة،فاللبناني يجب ان يبعد عن الذبذبات السوداوية والسلبية، وعليه ان يؤمن بقدراته على تخطي المصاعب.كما نتوجه الى المؤسسات الاهلية وندعوها لمساعدة الشعب اللبناني ليرى بصيص النور ويتفاءل لكي لا يدخل في النفق الطويل اي التبعات النفسية النتجة عن العذاب الاقتصادي والامني لانها قد تكون مخاوف مسبقة لا تجدي نفعًا بل تضاعف القلق.
كما يتوجب على الشعب اللبناني ان يعطي لنفسه مفاتيح القدرة على التواضع والقناعة واستبعاد فكرة الرفاهية والمظاهر الكاذبة والعودة الى الذات.
فبعد سنوات الحرب عاش معظم اللبنانيين
مظاهر الرفاهية وانجرفوا وراء الموجة الاستهلاكية التي بموجبها اخفى اللبناني قلقه.اما اليوم،هذا الاستهلاك فُقد،والعودة الى الواقع هي الحلّ الوحيد عبر مواجهة اشباح الخوف اي الفقر والعوز . فيجب ان يحاربهم بكل ما اوتي من قدرات للاستمرار في الحياة ما يسمى"معركة البقاء"كما يجب ان يبرهن للعالم اجمع انه قادر ان يتخطّى كل المصائب والمصاعب لإعادة بناء الحضارة التي نحملها.