بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 كانون الثاني 2019 12:31ص «قلعة المسيلحة من الـ25 ليرة» إلى ذاكرة السياحة اللبنانية

حجم الخط
محيط قلعة المسيلحة لم يعد فقط تحفة أثرية معمارية يُضفي رونقا فريدا على أوتوستراد البترون -  شكا – طرابلس، إنّما حركة السياحة التي بدأ صداها يضج في المكان، وينتشر في كل لبنان، تحمل بشائر خير للتطور الإنمائي الاقتصادي على ساحل البترون.
هذا المكان الذي كان حتى الامس القريب مهملاً، رغم جمال الطبيعة وروعة الخلق التي تشهدها المنطقة، يخبئ هيبة تتمثل في معانقة روعة الجبال بهدوء السهول الخضراء المجاورة، والتي تتلاقى مع خرير نهر الجوز، الذي يصب مجراه في سد المسيلحة المتاخم للقلعة.
منذ سنوات قليلة بدأ محيط موقع قلعة المسيلحة يستعيد دوره السياحي مع إطلاق مهرجانات قلعة المسيلحة المجانية، التي تستقطب سنويا مئات السياح من مختلف المناطق اللبنانية خلال الصيف. 

محيط القلعة أصبح أيضا محط أنظار روّاد وهواة رياضة المشي مع استحداث طريق المشاة المتاخمة لسد المسيلحة، الذي سيتحول مع انتهاء الاعمال فيه الى منتزه رائع للسياحة والنشاطات البيئية، في حين يشهد المكان زحمة مناسبات صيفية وشتوية مع انتشار القرى السياحية على كتف القلعة، ما يجعل محيط القلعة يغص بالزوار  صيفا وشتاء .
إلى ذلك تعتبر قلعة المسيلحة محطة استراتيجية من تاريخ لبنان، وقد خلّدتها الدولة اللبنانية بتصويرها على الـ25 ليرة لبنانية «ورزق الله على أيام الليرة».
يعود بناء القلعة إلى عام 1624م لأيام الأمير فخر الدين، في حين يرجّح آخرون أنّها تعود إلى أيام العثمانيين، ومن هنا فإنّ المستشرق الفرنسي أرنست رينان، الذي أتى في أواسط القرن التاسع عشر إلى لبنان، وسكن مدينة عمشيت الجبيلية لمدّة عام، لم يرَ في هذه القلعة أي جزء يعود إلى ما قبل العصر الوسيط.
أما مؤرخ العمارة الصليبية پول ديشان فلم ير في البناء ما يدل إلى أنه من عمل الصليبيين، لا بل إنه يعود الى فترة متأخرة.
وعندما مر الرحّالة الفرنسي جان دو لا روك قرب القلعة أواخر عام 1689 في طريقه من طرابلس إلى البترون، ذكر ما رواه له أهل المنطقة من أن القلعة من أعمال أمير لبنان فخر الدين المعني.
وقد ذكر الخوري منصور الحتوني في سرده أحداث عام 1624 أن الأمير فخر الدين «أمر الشيخ أبا نادر الخازن في عمار قلعة المسيلحة شمالي البترون».. إذاً استقر عام 1624 تاريخاً لبناء القلعة في أيام الأمير فخر الدين في ذاكرة الإخباريين كما في ذاكرة الأهالي والشهود.
ويؤكد هذا التاريخ أحد أكثر الرحالة ثقافة، وهو لودڤيط بوركهارت الذي زار المنطقة في بدايات القرن التاسع عشر.
وقد تعرّض ما يسمى طريق المشاة على خط قناة المياه قرب القلعة الى انهيار في التربة خلال العاصفة الأخيرة، وتمنى نائب البترون فادي سعد على المسؤولين إقفال المسلك الغربي للاوتوستراد عند النفق وتحويل السير الى المسلك الشرقي في الاتجاهين، نظرا للتصدع الحاصل في جدران الدعم على جانب المسلك الغربي، والتي قد تنزلق في أي لحظة وتتسبب بكارثة نحن بغنى عنها، كما دعا الى اقفال الطريق البحرية القديمة في حامات عند النفق، والتي ما زالت تشهد انهيارات في التربة والصخور ما يشكل خطرا على المواطنين.
وأخيراً يُذكر أنّ قلعة المسيلحة جديرة بالزيارة، وقد تمّ بناء القلعة كعمارة عسكرية على تلة صخرية على بعد 2.5 كم عن مدينة البترون على الساحل اللبناني ويتجاوز ارتفاعها الـ50 مترا، فيما تقدّر مساحة البناء بحوالى 500 متر مربع، وتمّ بناؤها لتكون حدودها بمحاذاة حدود الصخرة التي أقيمت عليها، وتتراوح سماكة جدرانها بين 1.5م و2.5م، وتحوي بعض الكوّات للمراقبة.
القلعة مكوّنة من ثلاث طبقات، ويقدّر أن البناء تمّ على مرحلتين ضمن قسمين متلاصقين من دون أن يمنع ذلك من تشكيل وحدة هندسية متناسقة. وقد فرض شكل الصخر على مهندس القلعة تصميماً معيناً، بحيث إن أسوارها الخارجية تتناغم وحدود الصخر الذي أُقيمت عليه. واستخدمت في بنائها حجارة رملية ذات مقاييس متوسطة، رغم وجود بعض الحجارة الكلسية الأكبر حجماً، وهي حجارة يقدّر أنها تعود إلى منشآت مماثلة أقدم عهداً، ويمكن الوصول إلى قلعة المسيلحة إما عبر سلوك درب ضيق حفر قسم منه في الصخر أو عبر الدرج، ويؤدي هذا الدرب إلى مصطبة صغيرة تفضي إلى باب القلعة الرئيسي الذي يعلوه قوس أفطس.