بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2020 08:21ص كيف انطلقت فكرة اقامة دولة يهودية في فلسطين؟ وما هو الرابط المشترك بين وعد بلفور وصفقة القرن؟

حجم الخط
بعد مرور قرن كامل على صدور "وعد بلفور"،والذاكرة الفلسطينية لا تزال مسكونة بذلك الوعد الذي ادى الى تشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرض آبائهم وأجدادهم، لتبدأ رحلة البؤس والمعاناة. وبقي "آرثر جيمس بلفور" الاسم الأكثر إثارة للجرح الفلسطيني المفتوح.

أما في هذا القرن، فها هي "صفقة القرن" أو خطة الرئيس الاميركي"دونالد ترامب" للسلام بين الفلسطينيين والاسرائليين تشكّل صفعةً أخرى للفلسطينيين وارضهم وسيادتهم واستقرارهم.
الدكتور عماد مراد أستاذ التاريخ في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية وفي اتصال مع "اللواء" أجاب على أسئلتنا:

١-كيف انطلقت فكرة اقامة دولة يهودية في فلسطين، وما هو هدف وعد بلفور؟
في بداية القرن التاسع عشر ،زار السير البريطاني اليهودي "موسى حاييم مونتيفيوري" فلسطين للاستكشاف والثقافة والتعرف الى ارض الاجداد الذين تهجّروا منذ حوالي ١٨٠٠ سنة من فلسطين،فوجد عددًا كبيرًا من اليهود في فلسطين تحت خط الفقر والجوع وانعدام التعليم فاعطاهم المال، وطلب شراء ارض لليهود من السلطنة العثمانية يملكها مسيحيون ، وعلى الرغم من ان القانون يمنع شراء الاراضي من المسيحيين تمّ تعديله عن طريق الرشوة.وعندما عاد السير مونتيفيوري الى بريطانيا اقنع اليهود بالذهاب الى فلسطين للاقامة هناك.


الدكتور عماد مراد

في نهاية القرن التاسع عشر اي سنة ١٨٩٧ اقيم اول مؤتمر صهيوني عالمي في بازل في سويسرا بدعم من رئيس التجمع الصهيوني في العالم "تيودور هرتزل" الذي نجح في تصوير المأساة اليهودية وعندها تقرر انشاء دولة يهودية لليهود وتمّ الاتفاق على فلسطين الذي اكدها "وعد بلفور" سنة ١٩١٧ عندما وعد وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور، ووجّه الدعوة الى عائلة روتشيلد البريطانية الثرية بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.وكانت اثناءها الدول منهكة من الحرب وضعيفة، كما ان السلطنة العثمانية تضعف وتخسر ، وفرنسا عقدت اتفاقية سايكس بيكو مع بريطانيا ، عندها مرّرت بريطانيا "وعد بلفور" بشكل سِرّي من أنظار الدول،و يتلخّص باقامة دولة قومية لليهود في العالم.

هكذا بدأت مفاعيل الوعد بان حكومة جلالة الملك البريطانية تسمح باعطاء أرض لليهود. اذًا من مؤتمر بازل في سويسرا لغاية وعد بلفور ،بدأت عملية شراء الاراضي ودعم اليهود للعودة الى فلسطين، وارتفعت نسبة اليهود:
سنة ١٩٠٠ : ١٪؜
سنة ١٩١٨: ١٥٪؜ أو ٢٠٪؜
سنة ١٩٤٨: ٣٠٪؜ عند إقامة دولة إسرائيل.
أما نسبة الاراضي:
كانت صفر بالمئة، وبعد ان اشترى السير "موسى حاييم مونتيفيوري" أصبحت ١٪؜ ،أما سنة ١٩٤٨ فارتفعت الى ٣٠٪؜ وذلك بدعم بريطاني لان بريطانيا اعتبرت ان موقع فلسطين مهم جدًا لاقامة دولة يهودية وستكون راعيتها،وهكذا تستطيع مواجهة فرنسا بظل الصراع الفرنسي-البريطاني.
٢-ما هو الرابط المشترك بين وعد بلفور وصفقة القرن؟
أ-التدخل الخارجي:وعد بلفور اعلنه البريطانيون بينما صفقة القرن اعلنها الاميركيون.
ب-الاثنان مجحفان بحق الفلسطينيين ويعطون الاولوية لليهود والاسرائيليين.
ج-عدم موافقة الطرف الثاني اي الفلسطينيين على وعد بلفور وعلى صفقة القرن.
د-الاعتماد على الاموال لتمرير وعد بلفور وصفقة القرن ان كان في شراء الاراضي عند اقرار وعد بلفور او توزيع الاموال في صفقة القرن.
ه-عدم التشاور مع العرب المجاورين لفلسطين اي لبنان،الاردن،سوريا،ومصر باعتباهم معنيين بمفاعيل الصفقة.

٣-هل انّ مفاعيل صفقة القرن "لو نُفّذت" تكون على مثال مفاعيل وعد بلفور؟
لن تكون مفاعيل صفقة القرن مشابهة لوعد بلفور واقامة دولة اسرائيل سنة ١٩٤٨ والسبب:موازين القوى.
سنة ١٩٤٣ وبعدها ١٩٥٦ (العدوان الثلاثي) وبعدها حرب ١٩٦٧ وحرب ١٩٧٣ هي حروب متتالية بين العرب واسرائيل عندها كانت موازين مختلفة،فكان للعرب نوع من القوة والسيادة.
أما اليوم،اسرائيل لديها القوة على العرب لانهم اي العرب مشتتون ومقسومون؛ الصراع السني-الشيعي في العالم العربي،والصراع العربي-العربي في العراق وليبيا ولبنان وسوريا.
لكن سيكون هناك رفض شعبي لصفقة القرن،فلا حرب اسرائيلية-عربية كما حصل بعد اعلان دولة اسرائيل بل مثلًا مظاهرات امام السفارات.

٤-الرئيس الاميركي دونالد ترامب قال إنه ماضٍ في خطة سلام مختلفة عن سابقاتها..كيف تبلورت خطط "السلام"السابقة؟

معظم اتفاقيات السلام بين اسرائيل وفلسطين باءت بالفشل ،ولم يتم التوصل الى دولتين قائمتين بحد ذاتهما،لم تستطع الامم المتحدة او اميركا اعطاء دولة للفلسطينيين ذات سيادة تمامًا كما يحصل اليوم بصفقة القرن لان الرئيس ترانب اعلن إعطاء دولة فلسطينية لكن للاسف من دون مقومات دولة اي الارض والشعب والاستقلال والسيادة،فهو يضعف مفهوم السيادة بمجرد التدخل بمنع السلاح الثقيل والجيش القوي،وتقتصر الاسلحة على الاسلحة الخفيفة اي الانتقاص من السيادة كما يضع جغرافية الارض الفلسطينية،ويقرر عاصمة فلسطين بينما الشعب الفلسطيني يعتبر ان القدس عاصمة فلسطين التاريخية والابدية.

اذًا على غرار مفاوضات السلام التي حصلت بين الفلسطينيين والاسرائيليين برعاية دولية واميركية منذ عهد الرئيس بيل كلينتون لغاية اليوم،صفقة القرن تتمة لهذا الفشل بل على العكس هي ضرب لكل محاولات السلام لانّ الطرف الثاني غائب والوعود السابقة التي اعطيت للفلسطينيين لم تراعيها صفقة القرن باقامة دولة ذات سيادة عاصمتها القدس.
المصدر: "اللواء"